خاص الهديل:
بقلم: ناصر شرارة
عاشت إسرائيل أمس حالة من عدم التوازن الداخلي وذلك على كل المستويات؛ فمن جهة أدى نشر حماس للفيديو عن الأسير الاسرائيلي إلى حالة غليان في الشارع اتسمت بتنظيم احتجاج شعبي أمام منزل نتنياهو الواقع – وللمصادفة – في شارع يطلق عليه تسمية شارع غزة.
لقد أحاط المحتجون ببن غفير الذي صادف وجوده في المكان وأطلقوا ضده صيحات “يا للعار”.. إن مشهد الاحتجاج أمام منزل نتنياهو أمس كان له معنى إضافياً، كونه سلط الضوء على أمر غير مسبوق في تاريخ العلاقة بين المستوى السياسي الحاكم وبين الاعتراض الشعبي، وهو وصول الأمر إلى لحظة المواجهة المباشرة من نقطة صفر بين الشارع وبين المسؤول السياسي؛ فليلة أمس وصل المحتجون إلى عتبة منزل نتنياهو؛ فيما بن غفير أحاط به المتحتجون بشكل مباشر. ومشهد ليلة أمس دفع المستوى الأمني في إسرائيل إلى التحذير من إمكانية حدوث سيناريو مرعب وهو أن يتمكن المحتجون من أهالي الأسرى من اقتحام منزل نتنياهو أو الانقضاض على بن غفير خلال مروره بأحد الشوارع وممارسة العنف الجسدي أو حتى النار ضدهما..
حالياً رفع نتنياهو من درجة الاحتراز الشخصي وبات محمياً من حلقة حماية ثانية تم إضافتها إلى حلقة الحماية الأولى التي تكلف عادة بحماية رئيس الحكومة؛ والحلقة الثانية الاستثنائية مكونة من فرقة مكافحة الإرهاب.
يعيش نتنياهو بحسب تسريبات إعلامية حالة من عدم الثقة على مستوى أمنه؛ فهو يخاف من عدة سيناريوهات في وقت واحد:
السيناريو الأول أن تقوم الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية بتصفية حساب معه أهان الرمز الأميركي الأول والمقصود هنا بايدن ليس رئيس الحزب الديموقراطي وليس موجه الإدارة في البيت الأبيض بل بايدن الذي انتخبه الشعب الأميركي وأقسم على الدستور الأميركي.
لا يستطيع نتنياهو أن يسقط من رأسه إحتمال تصفية الحساب معه من قبل الدولة العميقة الأميركية، خاصة بعد أن كتب كثيرون في أميركا، منتقدين تساهل إدارة بايدن مع الإهانات السياسية وحتى الشخصية التي يوجهها نتنياهو لأميركا… وهناك في التاريخ الأميركي الكثير من الأمثلة حول كيف انتقمت الدولة العميقة الأميركية من حلفائها وخصومها عن طريق إما تنفيذ خطط تحجيم سياسي ضدهم؛ أو عن طريق نشر فضائح ضدهم تنهيهم معنوياً وتدخلهم إلى مجاهل السجون…
السيناريو الثاني مفاده أن يتعرض نتنياهو لنفس مصير إسحق رابين، ولكن الجهة التي قد تقدم على اغتياله لن تكون هذه المرة يمينية متطرفة كتلك التي قتلت رابين، بل جهة علمانية، أو تحديداً أشخاص من الذين تسببت سياسات نتنياهو بمقتل أبنائهم الذين وقعوا في الأسر بأيدي حماس.
السيناريو الثالث هو أن تقدم جهات يمينية مغالية داخل معسكر اليمين على اغتيال نتنياهو تحت شعار أنه خان مبادئ معسكر اليمين، نتيجة اضطراره في لحظة لاحقة على قبول تسوية تتعلق بهدنة تؤدي لوقف النار مع حماس.
وبحسب مصادر متقاطعة فإن نتنياهو يعيش هواجس مستقبله ليس فقط السياسي بل الشخصي؛ وهو القلق الذي بات مزمناً وأخذ يجد تأثيره على قرارته؛ الأمر الذي يصبح معه ممكناً القول أن إسرائيل منقادة في هذه الفترة من رأس مريض بالقلق على شخصه، وليس على أمن الكيان العبري.