خاص الهديل:
كتب بسام عفيفي
تشهد المنطقة حالة من عدم التوازن الجيوسياسي؛ ما يهدد الأمن القومي العربي بتحديات غير مسبوقة.. وتؤكد دراسات استشرافية أن الحربين الجاريتين في كل من أوكرانيا وغزة ستكون نتائجهما بذات الخطورة التي أسفرت عنها وقائعهما؛ ما يحتم على صناع القرار في الدول إنشاء فضاءات أمنية مشتركة لضبط فوضى نتائج الحربين المرشحتين لاستمرار اشتعالهما على شكل جولات متقطعة، وذلك لوقت غير قصير..
إن العالم في العقد الحالي مرشح لأن يعيش في ظل حربين مستمرتين بمستويات مختلفة من الحدة في أوروبا (أوكرانيا) وفي الشرق الأوسط (غزة)، أو أن العالم سيكون خلال هذا العقد تحت تأثير نتائج هاتين الحربين…
ونتيجة لهذا التوصيف فإن أوروبا ستكون معنية بالتحرك لإنشاء فضاء أمني أوروبي مشترك أكثر تفاعلاً، ليكون بإمكانها مواجهة تداعيات الحرب الأوكرانية في حال استمرارها، أو على مستوى ما سينتج عنها من حالات أمنية في حال توقفها، لا يمكن في هذه اللحظة المبكرة توقعها وقراءة ملامحها.
.. وبدرجة مماثلة سيكون على دول المنطقة، والمقصود هنا الدول العربية؛ أن تبذل منذ الآن جهداً لرسم فضائها الأمني المشترك المتعاون، وذلك كمقدمة لا بد منها لتحديد المهمات العربية الرسمية الاستراتيجية والملحة؛ وهي التالية:
المهمة الأولى المطلوب التوجه نحوها حالياً هي تكثيف التواصل الأمني الرسمي العربي لانتاج توقع حول التحديات التي قد تصاحب المشاهد المقبلة من حرب غزة، أو التي قد تنتج عنها بعد توقفها..
إن توقع القادم من رحم حرب غزة ونتائجها هو أمر استراتيجي يجب عدم إهماله؛ فجريمة الحرب غير المسبوقة التي وقعت بحق غزة سوف ينتج عنها بلا شك تداعيات مطلوب من صناع القرار العرب احتوائها أمنياً، ومن ثم توجيهها سياسياً على نحو يخدم القضية الفلسطينية، بدل أن يؤدي إلى الإضرار بالاستقرار العربي الأمني والسياسي.
المهمة الثانية: .. بعد رسم فضاء تنفيذي للعمل الأمني العربي؛ سيكون مطلوباً تحديد المهمات الواجب تحقيقها ومتابعتها؛ ووضع آليات تؤمن دينامية استجابة سريعة للرد بشكل عربي أمني جماعي على التحديات اليومية الأمنية المتوقعة والمرشحة للتراكم باتجاه “نشوء حالات أمنية عاصفة”.
قصارى القول في هذا المجال أن اللحظة الراهنة هي استثنائية على المستوى الأمني؛ والمطلوب أن يتم تعميم الوعي العربي الرسمي بها؛ ومن ثم المطلوب أن تسارع المؤسسات الأمنية العربية إلى رفع اقتراحات عن كيفية إيجاد دينامية تفاعل أمني عربي مشترك؛ تلحظ كل التغيرات الحاصلة في المنطقة..
ليس مبالغة القول أن منطقتنا تقف أمام تحولات كبيرة، ولذا فإن المطلوب النظر إلى هذه التحولات بشكل جماعي من قبل العرب؛ وسيكون مطلوباً أيضاً وبإلحاح عدم ترك التراجيع الأمنية المتوقع أن تنتج عن حرب غزة وتفاعلاتها الاجتماعية والإيديولوجية والأمنية، تسبق العين الأمنية والسياسية العربية الرسمية… لذا فإن المطلوب “مواكبة مشتركة” و”تنظيم الطاقات العربية الأمنية” لتصبح “ليكون لدينا استجابة واعية وسريعة وقادرة على الإحتواء المنسق..”