خاص الهديل:
بقلم: ناصر شرارة
يوم الثلاثاء سيحل حسب التوقيت الصهيوني ما يسمى “بعيد استقلال إسرائيل” الذي هو في الحقيقة يوم اغتصاب فلسطين الذي أدى إلى نكبة الشعب الفلسطيني المستمرة حتى اليوم.
لأول مرة لن يلتزم رئيس وزراء حكومة إسرائيل بتقليد سنوي متبع منذ ابتداع الدولة العبرية، وهو إجراء مقابلة صحفية بهذه المناسبة يعرض خلالها تقييماً للوضع العام.. نتنياهو يبرر قراره بعدم إجراء “المقابلة التقليدية” بالإدعاء بانشغاله بمتابعة تطورات استجدت بسبب دخول الجيش الإسرائيلي رفح؛ ولكن الرجل يكذب نفسه، حينما يفرغ أمس وقتاً غير قليل لإجراء مقابلة باللغة الانكليزية مع وسيلة إعلام أجنبية. الاستنتاج السائد داخل إسرائيل هو أن نتنياهو ليس لديه أجوبة على الأسئلة الحرجة المتوقع طرحها عليه؛ فلائحة الأسئلة طويلة، وهي لم تعد مجهولة حيث أن الإعلام العبري بدأ بمناسبة اقتراب ما يسمى “بعيد الاستقلال” بطرح أسئلة الحساب العسير التي نتجت عن حرب غزة وتداعياتها:
يمكن تلخيص “أسئلة الحساب العسير” بأربعة وهي التالية:
السؤال الأول مفاده أن آخر استطلاع جدّي أظهر أن ثلث الإسرائيليين باتوا مقتنعين بأن عليهم مغادرة إسرائيل وأنها ليست مكاناً صالحاً لبقائهم فيها!!.
وبنظر كبار المحللين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين فإن هذا الاستطلاع يشعل الضوء الأحمر، كونه يسلط الضوء على وجود خلل بنيوي في مكان حساس يشكل إحدى المقومات الإستراتيجية لوجود الدولة العبرية.
السؤال الثاني يمكن استنتاجه من الاستطلاعات التي أظهرت أن ثقة الشعب الإسرائيلي بالجيش الإسرائيلي وليس فقط بالمستوى السياسي؛ تراجعت عدة نقاط، وهي مستمرة بالتراجع..
.. من وجهة نظر صهيونية فإن خطورة هذا المعطى يعود إلى أنه لم يحدث سابقاً أن عبّر المجتمع الإسرائيلي بشكل صريح عن فقدان ثقته بالجيش؛ فهذه الثقة طالما أدت دوراً هاماً على مستوى جعل المستوطن والمهاجر اليهودي إلى إسرائيل؛ يشعر بأنه موجود داخل مساحة “بلد أو وطن أو دولة” تضمن له الأمان والأمن والثقة والطمأنينة بالغد..
السؤال الثالث له علاقة مباشرة بمجريات حرب غزة وما وصلت إليه بعد نحو ٧ أشهر من اندلاعها؛ ومفاده أنه كيف يمكن نحن الإسرائيليون أن نقنع أنفسنا وليس الآخرين بأننا انتصرنا أو أنه يمكننا أن ننتصر على حماس؟؟.
والسبب الذي يثير داخل إسرائيل هذا النوع من الأسئلة، هو ما حدث أمس في خانيونس وما يحدث دائماً في مناطق أخرى من غزة..
خانيونس تم احتلالها منذ ٧ أكتوبر الماضي حتى اليوم، ٣ مرات من قبل الجيش الإسرائيلي: أول مرة قال نتنياهو “لقد طهرنا خانيونس”؛ وفي المرة الثانية قال نتنياهو تعقيباً على احتلالها مرة أخرى من قبل الجيش: “أصبحنا على بعد خطوة من الانتصار”؛ ولكن أمس لم يجد نتنياهو ما يقوله عندما كرر الجيش دخوله للمرة الثالثة إلى مدينة خانيونس؛ ومع ذلك قتل أمس أربعة جنود فيها.. وبنفس الوقت تم من منطقة أخرى كان “احتلها وطهرها” الجيش إطلاق صواريخ إلى غلاف غزة!!.
..باختصار لا يملك نتنياهو إجابة على سؤال متى يمكن القول أن خانيونس أصبحت خالية من حماس؟؟.. كم مرة على الجيش أن يحتلها حتى يمكنه القول: انتهى الأمر في خانيونس؟؟.
لا جواب عند نتنياهو؛ وأيضاً عدوى عدم وجود جواب على أسئلة الحساب العسير وصلت إلى الجيش الذي بات موضوع إقالة رئيس أركانه هاليفي، يمثل مطلباً شعبياً داخل إسرائيل.
السؤال الرابع يتعلق بالجبهة الشمالية مع لبنان.. مستوطنو الشمال حسب الإعلام العبري باتوا يلحون بالسؤال على المستويين العسكري والسياسي: متى الحل مع حزب الله؟؟.
أمس خلال اجتماع الكابينت سأل وزراء نتنياهو: ماذا علينا أن نفعل تجاه حزب الله والجبهة الشمالية؟ أجاب نتنياهو: لماذا تستعجلون السؤال عن الجبهة الشمالية؛ حالياً يحب أن نركز على رفح!!.
.. وحتى في رفح تبدو الأمور غير واضحة لجهة أنه يستمر بالتداول السؤال عينه الذي يطارد نتنياهو في خانيونس وفي مدينة غزة وفي شمال القطاع وجنوبه؛ وهو ماذا عن اليوم التالي لوقف النار..
في الواقع؛ يوجد إجابة واحدة لدى نتنياهو وهو الهروب إلى تأخير وقف إطلاق النار من ناحية والهروب من ناحية ثانية من وجه الإجابة عن “أسئلة الحساب السريع” يوم الثلاثاء الذي تقع فيه مناسبة نكبة فلسطين وأيضاً مناسبة ما يسمى “بعيد استقلال إسرائيل”!!.