كتب عوني الكعكي:
بعد أن وصل معدّل الجرائم الى رقم خيالي لم يصل إليه لبنان في يوم من الأيام…
وبعد أن كثُرَتْ حالات السرقة ليلاً ونهاراً… وهذه الحالة لم تحدث في أماكن محددة معروفة، وأعني بذلك بعض المناطق الشعبية فقط…
وأمام ازدياد حالات الانتحار وحالات الاغتيالات…
وأمام الاعتداء على القاصرين بمساعدة «التيك توك» وغيره من الوسائل الحديثة؟
وبعد أن ارتفعت حالات الدعارة بشكل جنوني على الصعيدين الطبيعي وغير الطبيعي.
وأمام وجود 2 مليون مواطن سوري نازح أو مهجّر، وأمام ولادات غير طبيعية عند السوريين فاقت الولادات اللبنانية..
أمام هذا كله… كان لا بد لوزير الداخلية بسام مولوي من اتخاذ قرارات يضع فيها حدّاً لكل هذه التجاوزات ويعيد البلد الى حالته الطبيعية.
من هذه القرارات: الدراجات النارية المخالفة، وقمع المخالفات في الطرقات… وقد كلف قوى الامن الداخلي بتولي المهمة، ومن أجل ذلك عُقِدَ اجتماع في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي واتفق خلاله على خطة للحد من موجة المخالفات غير القانونية، وكذلك أجريت اتصالات بقيادة الجيش اللبناني للمساعدة والتنسيق على قمع عمليات مكافحة المخدرات.
طبعاً هذا الموضوع مرحّب به من حيث المبدأ من جميع المواطنين الشرفاء الذين يتمنون أن يعيشوا بأمان واستقرار.
ولكن خلال ما جرى في هذه العملية لا بد من التوقف عند بعض المحطات:
السؤال الأول: بصراحة لو سألنا أي مواطن عن رأيه بما يجري في طريق المطار في الليل، وهل هذا الطريق آمن؟
سؤال ثانٍ: هل يعلم المواطن ان قوى الأمن وخلال أيام حجزت أكثر من 1400 «موتو» 300 منها فقط شرعية، أي انها تحمل أوراقاً ثبوتية، بينما 1100 غير شرعية ولا تحمل أية أوراق شرعية؟
السؤال الثالث: هناك بعض الاعتراض على التوقيف.. والرد على ذلك بكل بساطة: المواطن غير الصالح لا يناسبه أي وقف لأنه يريد أن يعيش في الفوضى ولا يريد أن يحاسبه أحد.
السؤال الرابع: هل على الدولة أن تحارب موضوع المخدرات إن على صعيد التوزيع أو على صعيد التعاطي؟ ومَن مِنَ المواطنين لا يريد القضاء على آفة المخدرات؟ كذلك مَنْ مِنَ المواطنين يرضى بأن يرى أولاده أو أقرباءه وهم يتعاطون المخدرات؟
السؤال الخامس: قد يقول البعض إنّ الدولة استعملت العنف في تطبيق القانون.. الجواب: لو أخذنا ما حدث في المريجة والأخبار التي أفادت بأنّ أحد المواطنين قتل في المخفر… ليتبيّـن أنّ هذا الكلام غير صحيح.
وبهذه المناسبة لا بد من الانتباه بأنّ عدداً كبيراً من الأخبار التي تتداولها المواقع الإلكترونية ونسبتها 95% غير دقيقة، وهذه نقطة مهمة جداً ويجب الانتباه إليها وعدم اعتمادها لأنها تشوّه الحقيقة.. وتؤدي الى نتائج غير صحيحة.
السؤال السادس: هل المواطن الصالح يريد أن يعيش في بلد من دون قانون؟ وهل يفضل أن تعود شريعة الغاب؟ أم يريد سلطة تحكم وتحاسب؟
السؤال السابع: قد يقول البعض إنّ استعمال القوة لتنفيذ القانون غير مسموح به.. هذا صحيح مائة في المئة، ولكن أتمنى أن يعطينا أحدٌ دليلاً على حدوث مثل هذا الأمر.
السؤال الثامن: اننا نعلم ان مبدأ أن تمارس الدولة سلطتها على أراضيها لا يعجب الخارجين على القانون وعلى رأسهم تجار المخدرات، الذين يتلاعبون بالوطن معتبرين انه لا وجود للدولة… وعند اكتشاف أمرهم يحوّلون الموضوع الى موضوع طائفي… وهذا الموضوع يشكل خطراً شديداً على اللعب والعزف على هذا الوتر ويؤدي الى نتائج وخيمة.
السؤال التاسع: بعض الزعماء استنكروا الاجراءات التي اتخذتها الدولة.. فقال أحدهم: فماذا عن بعض الاحزاب التي تحمل جميع أنواع الاسلحة الثقيلة والخفيفة والصواريخ والمدافع وراجمات الصواريخ والطائرات المسيّرة وهي آخر «موضة» في الحروب الحالية..
هذا صحيح ولكن معالجة هذا الموضوع الآن غير «متوفرة» لأنّ الأمر يتعلق بالصراع العربي – الاسرائيلي، ومن يظن أنّ ذلك ممكن نقول له نحن نتمنى اليوم قبل الغد أن ينتهي الصراع مع العدو الاسرائيلي لكنه كما يبدو غير متوفر في المدى المنظور.
وبالنسبة لهذا الموضوع، فإنّ هذا الموضوع متداول منذ عام 1948 أي منذ يوم «النكبة» ولكنه أصبح أسوأ عام 1969، يوم اتخذت الدول العربية قراراً بالسماح للمنظمات الفلسطينية بحمل السلاح ومحاربة العدو الاسرائيلي والدفاع عن المخيمات الفلسطينية، والأهم تحرير فلسطين، ومن أين؟ من لبنان…
لبنان أصغر دولة عربية ولا يتوفر فيها الحد الأدنى من المقومات لحماية الأعمال الفدائية الفلسطينية، وبالرغم من ذلك فإنّ العرب في القمة العربية في القاهرة اتخذوا قراراً يُلزم الدولة اللبنانية والجيش اللبناني بالسماح للفلسطينيين بالقيام بعمليات فدائية ضد العدو الاسرائيلي انطلاقاً من لبنان حيث كانت إسرائيل تقوم بقصف القرى التي يتواجد فيها عناصر المقاومة الفلسطينية وتدمرها.
أخيراً، نفهم ان بعض السياسيين قد استغلوا نقمة الناس عندما قررت الدولة تنفيذ القانون بعد أن أصبحت البلاد في حال من الفوضى وعدم الاستقرار، ولم تكن في يوم من الأيام قد وصلت الى ما وصلنا إليه.
من ناحية ثانية، فإنّ بعض السياسييين استغلوا غضب جماعتهم لكي ينتقموا من الحاكم، خصوصاً من قوى الأمن والجيش لأنهم لا يريدون النظام… بل يريدون الفوضى العارمة كي يتسنى لهم ارتكاب تجاوزاتهم بحرية ومن دون أي رادع.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*