خاص الهديل:
بقلم: ناصر شرارة
داخل مشهد تشييع الرئيس ابراهيم رئيسي ووزير الخارجية اللهيان ورفاقهما؛ تم تخصيص مشهد لحضور حماس داخل هذا الحدث الذي اعتنت طهران بإعطائه “طابع الفخامة” وكل الدلائل الرمزية التي تعبر عن موقع إيران الكبير في المنطقة: الحشود الشعبية الكبيرة المشاركة في التشييع التي وصفها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بأنها غير مسبوقة؛ وإفساح المجال لوجود ممثلين عن كل القوى التي يتشكل منها محور الممانعة المنقاد من طهران وعلى رأس هذه القوى حماس وحزب الله وأنصار الله (الحوثيين) وقادة من المقاومة العراقية؛ أضف إلى حشد كبير من قادة دول المنطقة..
ولقد أبرزت وقائع عدة حصلت خلال التشييع نظر المراقبين إلى أن طهران حرصت بشكل خاص على توجيه رسالة لمن يعنيه الأمر مفادها أنه رغم وقت الحزن الذي يسود البلاد ورغم ضيق وقت مسؤولي الدولة الإيرانية بسبب استقبال المشاركين بالتشييع إلا أن القيادة الإيرانية وعلى رأسها المرشد الأعلى السيد علي خامنئي خصصت كل الوقت الكافي لعقد اجتماعات عمل مع مسؤولي محور المقاومة المشاركين في التشييع وذلك لبحث موضوع غزة وأخذ قرارات مشتركة حول طبيعة المرحلة المقبلة.
لقد كان ممكناً ملاحظة كيف أن قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي تأخر مرتين عن اللحاق بموعد سفر الطائرة التي كان يريد أن يستقلها من طهران إلى مشهد للمشاركة بالتشييع؛ والسبب قي ذلك اضطراره لمتابعة الاجتماع المنعقد بين القيادة الإيرانية وقادة حماس وحزب الله وأنصار الله والمقاومة الإسلامية في العراق.
نفس الأمر حصل بالنسبة لقائد فيلق القدس إسماعيل قاءاني؛ وأيضاً وزير الخارجية الجديد المؤقت علي باقري انقطع لفترة عن استقبال الوافدين الأجانب إلى إيران للمشاركة بالتشييع؛ والسبب انشغاله بحضور الاجتماعات الإيرانية مع “أطراف المحور”.
وحسبما تسرب من معلومات فإن هذه الاجتماعات جرت لمناقشة ثلاثة أمور على الأقل؛ الأول هو مضمون رسالة كان أرسلها يحيى السنوار إلى السيد نصر الله وجاء فيها التالي: إما أن تستجيب إسرائيل لمطالب حماس بخصوص وقف النار وهي مطالب تلبي المكاسب الميدانية وإما فلتستمر الحرب ولتكن كربلاء جديدة.
وتحض الرسالة على أن يتخذ أطراف محور المقاومة على كل الجبهات قرار تكثيف التصعيد في حال قررت إسرائيل عدم الاستجابة لمطالب حماس لوقف النار.
الأمر الثاني هو تقويم فترة الأشهر السبعة الأخيرة من المواجهة انطلاقاً من جنوب لبنان والحرب في غزة واعتراض سلاسة التجارة البحرية الإسرائيلية انطلاقاً من اليمن..
الأمر الثالث هو وحدة الموقف الاستراتيجي بين أطراف محور المقاومة وعلى رأسه إيران وذلك ضمن رؤية تلبي كيفية الاستجابة للتحديات المقبلة المختلفة الأوجه.
تقول معلومات أن حماس خرجت من اجتماعات طهران أكثر راحة لتماسك المحور المعروف بإسم محور المقاومة؛ والسبب في ذلك أن طهران تخلت عن بعض حذرها الذي كان موجوداً بداية الحرب، والذي كان مصدره عدم استحسانها لفكرة أن تبادر حماس لهجوم كبير كطوفان الأقصى من دون أن يسبق ذلك تنسيقاً كبيراً مع إيران بشأنه.. ولكن يقال أنه داخل حماس هناك تطوير للتبرير المقدم للقيادة الإيرانية بهذا الخصوص ومفاده أن القيام بعملية طوفان الأقصى كانت حسب خطتها الأصلية نوعية ولكنها محدودة، وليست بهذا الحجم الكبير الذي حصل نتيجة مفاجآت الميدان؛ وثانياً فإن حماس تقصدت عدم وضع طهران بتفاصيل عمليتها؛ لأنها لا تريد أن تفرض على إيران تحمل مسؤولية مباشرة عن عمليات عسكرية لها مراديد وردود فعل عالمية..
وبكل حال فإن القيادة الإيرانية بلورت موقفاً من عملية طوفان الأقصى وهو أنها تباركها، رغم أنها لم تكن مطلعة لا على توقيت بدئها ولا على مضمونها.
لقد تم خلال تشييع رئيسي تتويج مشهد إعلان تجديد التقارب العميق بين حماس من جهة وكل أطراف محور المقاومة الباقين من خلال إعطاء إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس كلمة في مراسم التشييع؛ وكانت هذه إشارة إلى عدة أمور أبرزها أن حماس لا يزال لها مركز الصدارة في طهران؛ وأيضاً أن حماس بجناحيها الداخلي (السنوار) والخارجي (هنية) هما متحدان لجهة حسن علاقتهما بطهران، وليس صحيحاً أنهما منقسمان حيال هذا الأمر، حيث كان يشاع أن حماس الخارج أقل حماساً من حماس الداخل للعلاقة مع إيران.
حالياً هناك انتظار لكيفية تنفيذ قرار اجتماعات طهران بين محور إيران؛ وذلك بخصوص تكثيف التصعيد العسكري انطلاقاً من كل الجبهات في حال استمرت إسرائيل برفض توقيع إتفاق تبادل الأسرى الذي وافقت عليه حماس مطالع الشهر الحالي والذي يتضمن الحد المقبول من مطالب حماس الأساسية؟؟ والسؤال هل سيتم إضافة تكتيكات عسكرية جديدة في غزة وانطلاقاً من جبهتي لبنان واليمن؟؟ وكيف ستذهب الحرب ضمن هذا المنحى الجديد؟؟.