كتب عوني الكعكي:
تاريخ الكويت، هو تاريخ الاستقرار والنمو والبناء ومساعدة جميع الدول المحتاجة.. ومن أجل ذلك لا بدّ من التوقف عند الخطوة الجبارة التي اتخذها سمو أمير الكويت الشيخ مشعل الاحمد بتعيين الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح رئيساً للوزراء وفي الوقت نفسه ولياً للعهد.
وقبل الحديث عن تاريخ الحكم في الكويت لا بد من التحدّث عن بعض ميزات الحكم في هذا البلد العربي المعروف بديموقراطيته.
هنا، لا بد أن نشير الى الصندوق الكويتي للمساعدات، والذي يقدّم قروضاً للدول الفقيرة بفوائد 1 و2% فقط. والأمر الثاني صندوق الاستثمار للأجيال، كما ان هذا الصندوق هو الذي ساهم في دفع الحكومة لجميع مصاريف الشعب الكويتي عندما احتل الرئيس العراقي صدّام حسين الكويت. وهذان الأمران من أفكار أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح الذي كان ذا عقل استثماري بعيد النظر.
أما الأمير الحالي الشيخ مشعل الأحمد، وقبل أن يكون أميراً كان رئيس حكومة.. وأتذكر خطابه أمام المجلس، إذ كان لافتاً يومذاك أنه هدّد المجلس بأن يلتزم بالقوانين وأن يترفّع عن المماحكات والمناكفات… لقد كانت تلك رسالة تحذيرية لم يفهمها النواب الكرام.
كذلك يسجل للأمير أنه شهد معادلة كانت معتمدة وهي تغيير حكومة كل 3 أو 4 أشهر، مجرّد أن بعض النواب لا يعجبهم وزيراً معيّناً، وهذا سبب عدم استقرار وتوقف الانتاج في الحكم.. إذ ماذا تستطيع أي حكومة أن تفعل خلال 3 أو 4 أشهر؟.. لذا فقد صمّم على إنهاء هذه الحالة.
لقد كسر سموّ أمير الكويت أعرافاً كانت سائدة في الكويت لأكثر من 270 عاماً، بضرورة أن يكون الحاكم ابناً لحاكم، وهو المسار الذي رسم طبيعة انتقال الحكم في الكويت عمودياً الى الأبناء منذ عهد الشيخ صباح الأول.
وارتبط بهذا العِرف، عرفاً موازياً استمر لأكثر من مائة عام انتقلت عبره سدّة الحكم وولاية العهد ما بين ذرية جابر المبارك الصباح أو فيما عُرفَ داخل أوساط الأسرة بفرعي الجابر والسالم.
ليس هذا العِرف الوحيد الذي انتهى بتعيين سموّه ولياً للعهد، فالشيخ صباح البالغ من العمر 71 عاماً يكبره سناً عدد من الشيوخ من فرعي الجابر والسالم. ولطالما كان العمر معياراً أساسياً لاختيار الشيوخ للمناصب.
أما على المستوى السياسي، فيعتبر سمو الشيخ صباح الخالد أوّل ولي عهد، قدّمت له استجوابات نيابية خلال عمله الوزاري (بلغ عددها 8 استجوابات) وصل بعضها الى حد عدم التعاون معه… غير ان ذلك لم يمنع من اختياره ولياً للعهد.
إنّ هذا هو تحوّل جذري في العلاقة ما بين أسرة الحكم ومجلس الأمة -المعلّق حالياً- إذ لم تعد استجوابات الشيوخ والتصعيد ضدهم مانعاً سياسياً واجتماعياً لتوليهم مقاليد الحكم مستقبلاً.
إنّ مكاسب عدّة تحققت فور صدور الأمر الأميري، وكانت على رأس هرم تلك المكاسب كسر أعراف الأسرة الحاكمة.
لقد عاشت الدولة منذ نشأتها الدستورية صراعات داخل أسرة الحكم على مسند الإمارة، لذا فإنّ الأمر الأميري صوّب العديد من الأسباب التي أدّت لانقسامات غير مسبوقة داخل الأسرة، ويمثل خطوة إصلاحية جريئة بدأت من جذور الأسرة الحاكمة والنظام السياسي للدولة.
وسيذكر التاريخ هذا الانتقال غير المسبوق لولاية العهد…. فقد وضع أمير البلاد سموّ الشيخ مشعل الأحمد نصب عينيه مستقبل الدولة واستقرارها.
إنّ تاريخ الأول من حزيران/ يونيو 2024، لم يكن يوماً عامراً في الكويت… بل هو يوم مفصلي بعد تزكية أمير الكويت الشيخ مشعل للشيخ صباح الخالد الحمد الصباح ولياً للعهد.
إشارة الى ان حكومة الشيخ صباح الخالد دفعت ثمن الهجمة البرلمانية غير المسبوقة… هجمة كانت مدفوعة أحياناً من بعض الشيوخ المستعجلين للصعود الى سدّة الحكم… والذين استخدموا نواباً معروفين لتوتير الأجواء وضرب ما عُرف بمرحلة الرئيسيين (أي الخالد ورئيس المجلس المرزوق).
واللافت ان بعض نواب تلك المرحلة توقفوا عن مناداة الشيخ صباح الخالد بالرئيس المخلوع كما كانوا ينعتونه بعد اختياره ولياً للعهد… بل تناسوا كل ما كانوا يقولونه -وكأنّ شيئاً لم يكن..
لقد لعبوا دوراً مزدوجاً طمعاً بشعبوية رخيصة. قرار أمير الكويت الشيخ مشعل أزال كل المعرقلات أمام تطوّر الكويت وازدهارها.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*