د. حمد الكواري:
تحية خاصة لإسبانيا ولكل الدول التي تقف إلى جانب حقوق الشعوب في تقرير مصيرها
سأبقى دوماً مع الفقراء الذين ليس لديهم شيء، والذين لا يُسمح لهم حتى بالاستمتاع بلا شيء بسلام
فيديريكو غارسيا لوركا
-
ما أقسى ما عبّر عنه الشاعر الإسباني لوركا وهو يندّد بالحروب وويلاتها، وهاهي نبضات قلبه تسري في قلوب أبناء وطنه الذين يصدحون بموقفهم من المأساة الفلسطينية دون تردّد.
-
إنّ الدول تكبر وتتميز بمواقفها التاريخية إلى جانب قضايا الإنسان والعدل، هكذا علّمنا التاريخ، الدول مواقف.
وهذه المواقف هي التي يذكرها التاريخ، وتبقى خالدة في السجل المشرّف لهذه الدول، وتبقى الأجيال تتوارثها باعتبارها قيما تتباهى بها بين الأمم، وتذكرها في مثيلاتها عبر الزمن.
-
أقول ذلك وفي ذهني موقف اسبانيا من حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، فاسبانيا دولة رئيسية في الاتحاد الأوروبي، ولكنها لم تسر مع القطيع، فقد رفضت الاشتراك في الجريمة. أليس تأييد المجرم في إجرامه في حد ذاته جرما؟
ها هي إسبانيا وقد رفعت صوتها عاليا دون أن تبالي بالغثاء الأوروبي، وسجّلت موقفا بعد موقف، من رفضها للعدوان الإسرائيلي، إلى اعترافها بالدولة الفلسطينية، إلى انضمامها إلى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية ورغم ما واجهه رئيس وزرائها من تحديات، إلا أنه صدح بالحق في البرلمان معبرا عن موقف بلده، وعاكسا موقف شعبه، الذي عبر عنه بالمظاهرات عبر إسبانيا تأييدا للشعب الفلسطيني.
أثبت هذا الموقف استقلالية أسبانيا واحترام العالم وليس فقط العرب لها، وستضع الدول اعتباراً لهذه الاستقلالية في نظرتها لهذا البلد في تعامله معها.
وعلى سبيل المثال كيف كانت فرنسا كبيرة حين عالج ديجول تداعيات العدوان الثلاثي عام 1956وأدان احتلال الأراضي العربية في عام 1967، وحين رفض شيراك العدوان الأمريكي البريطاني ضد غزو العراق عام 2013، وكم رفعت هذه المواقف المستقلة من مكانة فرنسا، وكم هي ضعيفة فرنسا اليوم عندما أصبحت مجرد ببغاء تردد ما يقال في واشنطن.
-
على العرب شعوبا، وهو حاصل، ولا شك في ذلك فالشعوب مقدرة هذا لإسبانيا وكم كنت أتمنى أن أقول وحكومات ولكن كلامي جهلا للواقع حين أقول وحكومات.
-
تحية خاصة لإسبانيا البلد الذي تشرفت بالعمل فيه سفيرا وأحمل أحد أعلى الأوسمة منه، وتحية لكل الدول التي تقف إلى جانب الإنسان والعدل وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، فبمثل هذه المواقف سيشعر الإنسان، باحترام الدول لقيم الحق والعدل وتقرير المصير.