خاص الهديل:
بقلم: ناصر شرارة
أغلب الظن أن بحث الكتل النيابية عن فخامة الرئيس العتيد سيطول؛ لأنه لا وليد جنبلاط ومن وراءه نجله تيمور، ولا جبران باسيل ومن أمامه عمه ميشال عون، ولا كتلة الاعتدال وملائكتها الظاهرة والمستترة، ولا كل الكتل النيابية الأخرى، ستنجح في جعل فخامة رئيس الجمهورية الضائع يخرج من فانوس جولات الاتصالات السياسية السحرية؛ أولاً لأن زمن السحر انتهى؛ وثانياً لأن السحرة في الحياة كما في السياسة، ما عادوا موجودين؛ وحتى حينما كانوا موجودين في عصر ازدهار السحر الأسود، فإنهم كانوا ينتجون وهماً يشبه الحقيقة، وليس حقيقة.. فضلاً عن أن الحقيقة بخصوص موضوع فخامة الرئيس العتيد موجودة وواضحة؛ ولا تحتاج لإيجادها لمبادرات ووفود بلوحات زرقاء تجوب على مضارب كتل الطوائف.. وقوام هذه الحقيقة الذهاب إلى مجلس النواب؛ وإجراء تشاور أو تهامس أو حوار داخل المجلس للاتفاق على رئيس أو على مرشحين إثنين أو ثلاثة للتنافس؛ والسبب في اتباع هذه الآلية لا يعود لكون هناك رغبة في تجاوز الدستور أو القيام بمناورة سياسية؛ بل يعود لسبب تقني – فني مؤداه أنه بحسب الدستور فإنه حتى يتم افتتاح جلسة بدء التصويت على انتخاب فخامة الرئيس، يجب أن يكون في قاعة البرلمان ٨٦ نائباً؛ وهذا عدد من النواب لا يمكن جمعه داخل قاعة البرلمان لبدء جلسة الانتخاب؛ إلا بعد حوار أو تشاور أو تهامس أو تخاطر أو أي نوع آخر من الكلام بين النواب!!
.. ولأن المشكلة هي في كيف يدخل النواب إلى البرلمان، وليس في كيف ينتخب النواب فخامة الرئيس العتيد؛ فإن هذا يعني أن النواب مازالوا عند نقطة أن ألف باء الديموقراطية لم تصل بعد إليهم، ولا إلى الحياة السياسية اللبنانية الراهنة؛ وعليه، فإنه حتى يصل نواب الأمة لمرحلة انتخاب فخامة الرئيس، يجب أن يمروا أولاً بمرحلة التدرب على دخول قاعة البرلمان؛ يحب التدرب من نقطة البداية، أي من حيث تلقينهم الإجابة عن سؤال: أي قَدم يضع النائب قبل الأخرى عند بلوغه عتبة قاعة البرلمان؟؟.. بمعنى آخر المطلوب التعلم والتدرب على ممارسة الديموقراطية من نقطة الصفر!!
بمعنى آخر فإن أحد نماذج الأسئلة المطروحة، السؤال التالي: كيف يقتنع ٨٦ نائباً (أي نصاب ثلثي البرلمان)، بأنهم عندما يدخلون قاعة مجلس النواب، فإنهم سينتخبون فخامة رئيس، وليس “مقلباً” يتم تمريره ضدهم من وراء ظهورهم.
اللعبة تتم بهذه البساطة، وهي تصبح معقدة كون أحداً من زعماء البلد الذين يملكون الـ٨٦ نائباً، لا يريد أن يعترف ببساطة اللعبة الأمر الذي يؤدي إلى تعقيدها.
والاعتراف “ببساطة لعبة انتخاب فخامة الرئيس”، ستعني الاعتراف بالأمور أو الحقائق الواضحة التالية:
أولاً- ليس هناك جمهورية حتى يتم تبرير كل هذا العناد الذي يبذل الآن لانتخاب رئيس جمهورية؛ فكل ما هو مطلوب هو إيجاد طربوش لوضعه على رأس “فزاعة الطيور” المصنوع من قش على هيئة انسان.
.. فخامة الرئيس العتيد سيكون رئيساً على قصر بعبدا، لأنه لا يوجد جمهورية ليكون رئيساً عليها؛ وسيكون وجوده مجرد إجابة باردة عن سؤال تطرحه على المتسلين في شبكة حل الكلمات المتقاطعة: ما إسم رئيس الجمهورية اللبنانية؟!.. وهذا الواقع لمضمون ما يستطيعه فخامة الرئيس، يقود لطرح استغراب وليس سؤالاً مفاده ما الذي يجعل فخامة الرئيس مشكلة لدى البعض؛ وما الذي يجعله مصدر خوف منه أو عليه من قبلهم، أو حتى مصدر أمل لهم؟؟.
ثانياً- رئيس الجمهورية الضائع حتى اللحظة، لم يعد التفتيش عنه بغية إيجاده، مهمة عاجلة أو حتى مؤجلة تعني العالم، ولن تعد حتى مهمة أقله عاجلة تعني الداخل.. حتى المسيحيين ومثلهم المسلمين، باتوا يستطيعون العيش داخل بلد ليس فيه جمهورية؛ وأيضاً ليس فيه رئيس جمهورية؛ وهذا ما يبرر كيف أن القوى المسيحية بالأخص، تضع ورقة فخامة الرئيس على طاولة المقايضة فيما بينها؛ وأيضاً فيما بينها وبين شريكها المسلم.