التكنولوجيا المتطورة محور زيارة طحنون للولايات المتحدة
كتب السفير وليام روباك، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن، مقالا نشر عبر الموقع الألكتروني للمعهد، حول زيارة مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة طحنون بن زايد آل نهيان الأخيرة إلى الولايات المتحدة، وما حققته من نجاح في مجال التعاون بين البلدين على صعيد الذكاء الاصطناعي:
تؤكد زيارة مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة طحنون بن زايد آل نهيان الأخيرة للولايات المتحدة النجاح الأميركي في إقناع الإمارات العربية المتحدة بمنافع الشراكة وولوج التكنولوجيا المتطورة ومخاطر التمسك بإرث الشراكات التكنولوجية مع الصين.
في زيارة مطلع حزيران الجاري إلى الولايات المتحدة، كانت زاخرة باجتماعات مع كبار صانعي السياسة في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع إضافة إلى الكونغرس، ضمن زيارات أخرى في أروقة السلطة في الولايات المتحدة، تمكن مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد من إبراز اهتمام ملموس بمسائل اقتصادية كتعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات المتطورة. كما سلط نائب حاكم أبو ظبي، الذي يمارس نفوذا محوريا بفضل ترؤسه لصناديق الثروة السيادية الإماراتية “القابضة” (ADR) وجهاز أبو ظبي للاستثمار (ADIA) الضوء على منصة X (المعروفة سابقا بتويتر) على اجتماعه بمستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان.
وركز الرجلان على العلاقات الاستراتيجية الأميركية الإماراتية إضافة إلى مسائل إقليمية. وأشار البيانان المتعلقان بالزيارة الصادران عن سفارة الإمارات، إلى إعادة تأكيد المسؤولين على الشراكة الثنائية المتينة وعلى دعوة طحنون إلى وقف فوري للنار في غزة، ترافقه زيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية. وناقش المسؤولان أيضا سبل تعميق وتوسيع اتفاقات أبراهام.
وهدفت زيارة طحنون إلى شحذ الاهتمام بالتعاون الثنائي في مجال الذكاء الاصطناعي. وذكر سفير الإمارات في الولايات المتحدة يوسف العتيبة أن الإمارات “تحوّل نفسها إلى مركز للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتطورة” مشددا على أن “الولايات المتحدة هي شريكنا المختار” في هذا المضمار وغيره من التكنولوجيات المتطورة.
بإمكان ثلاثة تطورات محورية في سنة 2024 أن تساعد على تفشي التركيز المتأني والقوي على التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي خلال زيارة طحنون. ففي أواسط شهر نيسان المنصرم، أعلن شركتا G42 ومايكروسوفت عن توقيع اتفاق شراكة تضمن استثمارات بقيمة 1.5 مليار دولار من مايكروسوفت في G42، مما أعطى العملاق الأميركي -حصة أقلية –وأدخل رئيس مايكروسوفت في مجلس إدارة G42. وقد ألزم التعاون في العام المنصرم، المعزز بإعلان نيسان، G42 على استخدام منصة حوسبة ماكيروسوفت Azure cloud لتطبيقاتها في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد حصل اتفاق نيسان في أعقاب تسهيل ملموس – من قرار الإمارات في شباط الماضي- بأن G42 ستسحب استثماراتها من الصين. وأوضح ممثلو G42 أنه خلال العام المنصرم، فَهِم كبار المسؤولين والمديرين التنفيذيين في الإمارات، من خلال مناقشاتهم مع مسؤولين أميركيين أنه سيترتب عليهم الإقدام على خيار أساسي ما بين الاستمرار في التعاون مع الصين في مجال الذكاء الاصطناعي أو زيادة التعاون مع الشركات الأميركية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي وضمان الولوج المستمر إلى التكنولوجيا الأميركية في هذا المضمار.
ومن خلال استعراضه للقرار الصادر في شباط الماضي، أعلن مسؤول G42 سياو Xiao في كانون الأول 2023 “أننا في موقع يحتم علينا القيام بخيار. لا يمكننا العمل مع الطرفين”. وعزز هذه النية إعلان كبير مسؤولي G42 طلال القيسي الالتزام كليا بالعلاقة مع الولايات المتحدة.
تشكل زيارة طحنون وصفقة مايكروسوفت التي سبقتها رمزا للجوانب المتبادلة والمفيدة جدا للعلاقات الأميركية الإماراتية على الرغم من تحوط الإمارات ومحافظتها على رؤية استراتيجية متعددة الأقطاب، تنظر إلى أبعد من تركيز حصري على المصالح الأميركية والتي تطرح تساؤلات حول موثوقية الولايات المتحدة كشريك أمين. وبغض النظر عن أي تساؤلات، أوضحت الإمارات أنها تتكل على الولايات المتحدة وتسعى إلى تعهدات أمنية أقوى.
من الناحية الاقتصادية، تتجاوز الاستثمارات الإماراتية في الاقتصاد الأميركي التريليون دولار أميركي وعلى رأسها صناديق الثروة السيادية التي كانت ممثلة خلال الزيارة.
وفي سنة 2023 وللسنة الـ15 على التوالي، شكلت الإمارات أكبر سوق تصدير للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، من خلال صادرات وصلت قيمتها إلى 24.8 مليار دولار. هذا وتستمر الإمارات في إثبات التزامها بالدولار وبالدور المهيمن للمالية الأميركية.
باختصار، تعزز الزيارة القدرة الإجمالية للعلاقة، وتشير إلى الطريق نحو جوانب جديدة للتعاون على الصعيدين الحكومي والخاص.
وليم روباك –- شغل مؤخرا منصب نائب المبعوث الخاص لدى التحالف الدولي ضد داعش، كبير مستشاري الممثل الخاص لشؤون سوريا السفير جيمس جيفري