خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
السؤال الكبير الذي دشنت معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية صباح اليوم افتتاحياتها به؛ هو هل إسرائيل جاهزة لخوض حرب في الشمال؟؟.
وأكثر نقطة أثارت جدلاً في هذا الموضوع، هو ظهور المسؤول الأول في شركة الكهرباء الإسرائيلية ليقول أن كل إسرائيل وليس فقط الشمال لن تستطيع العيش لمدة ٧٢ ساعة في حال وقعت الحرب؛ لأن الكهرباء ستنقطع عن إسرائيل وبخلال سبع ساعات ستتوقف الاتصالات الخليوية، الخ..
ومثل هذا الكلام كان برز في بدايات حرب طوفان الأقصى؛ حيث تم حينها تداول “مصطلح سيناريو العتمة” الذي سيعم إسرائيل في حال حصلت حرب مع لبنان.
وتبدو إسرائيل كما ظهرت هذا اليوم – ومرة أخرى بحسب إعلامها – منقسمة إلى قسمين إثنين: الأول يقول إسرائيل غير جاهزة لحرب في الشمال(؟؟)؛ وقسم ثان يقول أن الأمر ليس بهذا السوء الذي يتحدث عنه القائلون “بسيناريو العتمة..”.
والواقع أن هذا الجو الكاسح من القلق الذي يسود إسرائيل بخصوص موضوع الحرب في الشمال، يقود المراقب لطرح سؤال هام وهو أين أصبحت نسبة الـ٦٠ بالمئة من الإسرائيليين الذين درجت استطلاعات الرأي على القول أنهم يؤيدون الحرب ضد حزب الله ومع لبنان؟؟.
إن وضع إسرائيل كما تنقله معظم وسائل إعلامها لا يبين أن هناك أكثرية إسرائيلية تريد الحرب ضد لبنان، بل يبين ويظهر أن هناك أغلبية تعتقد أنه مع بدء الحرب في لبنان ستنعدم إمكانية الحياة في إسرائيل؛ بمقابل نسبة أقل تعتقد أن الحرب ستكون مكلفة؛ ولكنها قد لا تصل الكلفة إلى حد دخول إسرائيل في سيناريو العتمة.
وإسرئيل المنشغلة هذا اليوم بحسب ما يظهر من إعلامها بقضية الحرب مع لبنان والوضع على الجبهة الشمالية، تتوقف عند موضوع أساسي، وهو مصير مستوطني المنطقة الشمالية من فلسطين المحتلة..
.. إحدى وسائل الإعلام الإسرائيلية نشرت استطلاعاً بين مستوطني الشمال الذين تم إجلاؤهم إلى وسط فلسطين المحتلة. وأظهر هذا الاستطلاع نتائج صادمة للحكومة الإسرائيلية:
٢٨ بالمئة لن يعودوا إلى مستوطناتهم في الشمال سواء حصل اتفاق مع حزب الله أو لم يحصل..
٤٦ بالمئة سيعودون شرط حصولهم على ضمانات (أي اتفاق مع الحزب).
٢٦ بالمئة لم يقرروا بعد ما إذا كانوا سيعودون.. وموقف هذه الشريحة هو الأخطر لأنه يعكس حالة التردد النابع من واقع أنه لم يعد هناك لدى ثلث مستوطني الشمال ثقة بقدرة الدولة في إسرائيل على تقديم ضمانة لمستوطنيها بتحقيق الأمن لهم.
إن هذا الجو العام الذي يسود إسرائيل هذا الصباح – ودائماً حسب إعلامها – يقول أمراً واضحاً، وهو أن الجبهة الداخلية في إسرائيل غير جاهزة لخوض حرب كبرى مع لبنان، وذلك بغض النظر عما إذا كان الجيش جاهزاً لخوض حرب الشمال أم لا!!
والواقع أن نتنياهو لا يمكنه فتح معركة في الشمال إلا إذا كان مطمئناً لمعنويات الجبهة الداخلية؛ لأن طبيعة الحرب مع حزب الله في لبنان، مختلفة عن طبيعة الحرب مع حماس في غزة؛ فالحرب على الجبهة الشمالية تحتم على الجبهة الداخلية في إسرائيل أن تواجه ٧٠ بالمئة من نتائجها؛ فيما الحرب في غزة تحتم على الجبهة الداخلية هناك أن تواجه فقط ٣٠ بالمئة من نتائجها.
مؤشرات إسرائيل الداخلية تقول أن الحرب الإسرائيلية ضد لبنان مستبعدة؛ ولكن يبقى هناك حاجة مهمة للتمعن بالمؤشر الإستراتيجي السياسي، وما إذا كان هذا المؤشر سيأخذ كل المنطقة – بما فيها الإسرائيليون – من عنقها، إلى حرب مدمرة هدفها تحسين الوضع الجيوسياسي لأطراف الصراع الأساسية في الشرق الأوسط.