خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
تشهد معركة إسناد غزة تحولاً جوهرياً منذ يوم ١٧ أيلول الجاري؛ فأحداثها لم تعد تجري تحت عنوانها الأساسي وهو رفع الضغط العسكري الإسرائيلي عن غزة، بل صارت تجري تحت عنوان الدفاع عن لبنان بعد أن قررت إسرائيل نقل الثقل العسكري من الجنوب (قطاع غزة) إلى الشمال (مع لبنان).
منذ يوم ٨ أكتوبر ٢٠٢٣ عندما دخل حزب الله حرب إسناد غزة؛ كان واضحاً للمستويين العسكري والسياسي في إسرائيل أن عليهما التوقف عند حقيقة أساسية وهي أنه في لحظة معينة سيكون عليهما إعطاء أولوية للساحة اللبنانية على ساحة قطاع غزة؛ وسيكون عليهما نقل الموارد العسكرية من الجبهة الجنوبية مع غزة إلى الجبهة الشمالية مع لبنان؛ وحينها ستصبح الجبهة الشمالية مع لبنان هي الأساس والجبهة الجنوبية مع غزة ثانوية.
وهذه الرؤية الإسرائيلية لنقل الحرب من غزة إلى لبنان أصبحت نافذة منذ يوم ١٧ أيلول الجاري حيث أعلن وزير حرب العدو أنه تم نقل الثقل العسكري من الجبهة الجنوبية إلى الجبهة الشمالية؛ وقال رئيس أركان الحرب الإسرائيلي هريسي هاليفي إن المستوى السياسي وافق على تنفيذ خطط عسكرية ضد لبنان. وتم تتويج كل عملية نقل الحرب من غزة إلى لبنان بإعلان نتنياهو عن اعتبار هدف إعادة مستوطني الشمال إلى مستوطناتهم بمثابة هدف رسمي رابع للحرب.
وبالنظر إلى هذه التطورات يصبح لدى المراقبين يومين إثنين هامين في روزنامة جبهة إسناد غزة:
اليوم الأول هو ٨ أكتوبر؛ وهو اليوم الذي دخل فيه حزب الله معركة إسناد غزة ضمن هدف محاولة تخفيف الضغط العسكري عن حماس، وتشتيت جهد الجيش الإسرائيلي على الجبهة الجنوبية، الخ..
واليوم الثاني هو يوم ١٧ أيلول حينما أعلن نتنياهو أنه قرر نقل الثقل العسكري من الجنوب إلى الشمال وجعل أهداف حربه أربعة أهداف وليست فقط ثلاثة أهداف؛ ما استدعى أن يقوم حزب الله بإضافة عنوان جديد على حرب إسناد غزة، وهو عنوان حرب الدفاع عن لبنان.
.. وكل هذه التطورات أخذت عملياً حرب طوفان الأقصى إلى واقع سياسي جديد وهو تصفية الحساب المفتوح منذ العام ٢٠٠٦ بين إسرائيل وحزب الله؛ وإلى ميدان جديد هو ميدان الجبهة الشمالية بين لبنان وإسرائيل؛ فيما أسباب الحرب الحقيقية ذات الصلة بغزة واليوم التالي فيها، أصبح خبراً ثانوياً وعنواناً ثانياً، ومع مرور الوقت على احتدام الحرب أكثر فأكثر على الجبهة الشمالية ستصبح حرب غزة عنواناً عاشراً.
ما يحدث على الجبهة الشمالية هو نقل للصراع من مكان إلى مكان ومن قضية إلى قضية أخرى ومن ميدان إلى ميدان آخر؛ ولكن ما يحدث يؤكد أيضاً وللمرة الألف انه في كل صراعات المنطقة الحالية والسابقة دائماً يكون السبب الأصلي؛ والنقطة التي يبدأ منها الصراع ويتفرع منها إلى صراعات وحروب جديدة، هو (أي السبب الأصلي) عدم حل القضية الفلسطينية الناتج عن تعنت إسرائيل وإهمالها من قبل المجتمع الدولي.
وببساطة ينتج اليوم عن حرب غزة حرباً جديدة هي حرب إسرائيل الثالثة على لبنان.. أضف إلى ذلك أن المشهد الحالي يؤشر إلى إمكانية نشوب حروب إقليمية أخرى قد تستتبعها الحرب اللبنانية الإسرائيلية الثالثة الدائرة الآن.