خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
يستعد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للسفر إلى نيويورك لإلقاء خطاب في الأمم المتحدة. وستكون زيارته سريعة حيث يعتزم العودة إلى إسرائيل بعد غد يوم السبت. قبل ذهابه لنيويورك كلف نتنياهو فريقاً مصغراً بالتفاوض من أجل وقف نار مع حزب الله. وهذه المرة لم يقيد نتنياهو صلاحيات الفريق كما يفعل مع الفريق الذي يرسله للدوحة والقاهرة للتفاوض بشأن وقف النار في غزة. ولكن لا يمكن بناء مؤشر تفاؤل على تصرف نتنياهو المغاير هذا؛ ذلك أن مصادر في إسرائيل تقول إن نتنياهو تحسب لإمكانية أن يتم مطالبته بتنازلات بخصوص جبهة الشمال خلال وجوده في الأمم المتحدة، فقرر إيكال كل عملية التفاوض إلى الفريق الذي طار لنيويورك لهذه الغاية.
وخلال ساعات الليل صدر البيان الدولي الذي يتضمن المقترح الأميركي الفرنسي الداعي لوقف فوري للنار لمدة ٤ أسابيع بين لبنان واسرائيل. وفلسفة هذا المقترح تقوم على اعتبار أنه لا يمكن إجراء تفاوض ووساطة في ظل تعاظم إطلاق النار.
وتقول المبادرة إن نجاح وقف النار سيؤدي إلى العمل على تطبيق القرار ١٧٠١ وإلى العمل لوقف النار في غزة وإطلاق الأسرى من الجانبين.
ليس هناك احتمال بأن تنجح مبادرة ماكرون – بايدن بتحقيق وقف للنار بين حزب الله وإسرائيل؛ وسبب ذلك واضح وهو أن حزب الله يشترط وقف النار بوقف النار في غزة في حين أن تل ابيب ترفض ربط وقف النار مع لبنان بوقف النار في غزة.
أما الكلام بخصوص أنه خلال الأسابيع الأربعة سيتم العمل على وقف النار في غزة؛ فإن الحزب لن يشتريه.
أزمة التصعيد القائمة على الحدود بين إسرائيل ولبنان، تبدو معقدة، ذلك أن هذه المواجهات التي تهدد بتحولها إلى حرب شاملة دخلت متاهة تعقيدات حرب غزة.
.. وعليه فإن المتوقع أن يستمر التصعيد؛ وخلال وجود نتنياهو لنحو ٤٨ ساعة في نيويورك سيحدث أمران إثنان: الأول ستفشل أو يتم تمييع مبادرة وقف النار المؤقت في لبنان؛ والثاني سيطرأ تخفيض بسيط – ربما – لإطلاق النار على الجبهة الشمالية لأسباب تعود لوجود نتنياهو نيويورك ليعود التصعيد إلى ذروة أعلى بعد عودته يوم السبت.
في هذه الأثناء يوجد في إسرائيل حماس للبدء بعملية عسكرية برية داخل لبنان. ويجري تقديم هذا السيناريو بوصفه سيناريو بديل يقطع مسار استمرار حرب الاستنزاف الطويلة الجارية ضد إسرائيل من قبل أذرع المحور الإيراني وبمقدمها حزب الله.
وفيما السيد نصر الله يرى أن الدخول البري هو بداية حرب استنزاف قاتلة لإسرائيل، فإن غالانت وقبله نتنياهو وقائد المنطقة الشمالية يرون العكس تماماً.
.. ومع ذلك لم يتم حتى الآن حسم قرار بدء المناورة البرية الإسرائيلية داخل لبنان؛ ولكن سلوك الرفض الأميركي لهذه العملية لا يحظى بالثقة؛ كون مصطلحاته ضد الغزو البري الإسرائيلي للبنان، تشبه لحد بعيد ذات المصطلحات التي استخدمتها واشنطن حينما أوحت أنها ضد دخول نتنياهو العسكري البري لمنطقة رفح
وفي حال دخلت إسرائيل براً إلى لبنان فهذا يعني ثلاثة أمور:
الأول- عودة الوضع على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة وداخل لبنان إلى ما قبل العام ٢٠٠٠. حيث سيصبح هناك من جديد شريط حدودي محتل مما سيجعل المقاومة أمراً يوجد إجماع داخلي لبناني عليه، نظراً لوجود احتلال إسرائيلي؛ وهو أمر يفيد حزب الله استراتيجياً ولا يضره كما تسعى إسرائيل.
الأمر الثاني هو إمكانية أن يتدحرج التوغل البري ليصبح غزواً برياً شاملاً كما حدث عام ١٩٨٢.
الأمر الثالث أن تحدث معجزة؛ ويتم التهويل بالتوغل البري ضمن خطة سرية تسعى من خلالها واشنطن إلى اقناع طهران بالضغط على حزب الله للموافقة على وقف النار المؤقت، مع تعهد واشنطن لإيران بأنها خلال الأسابيع الأربعة ستتمكن من إقناع نتنياهو بإبرام صفقة غزة..