خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
يحرص البيت الأبيض خلال الأشهر الأخيرة على تكرار أن دبلوماسيته المكثفة، وأن أساطيله المستنفرة في البحرين الأحمر والمتوسط منذ ٧ أكتوبر العام ٢٠٢٣، لهما هدف واحد وهو منع تحول حرب غزة إلى حرب إقليمية، ولهما أيضاً غاية واحدة وهي العمل بحزم وإخلاص من أجل منع توحد ساحات الممانعة عسكرياً ضد إسرائيل؛ ولكن بعد عام من التكرار شبه اليومي للبيت الأبيض لفكرة منع الحرب الإقليمية والشاملة، تتفاجأ المنطقة الآن أن من يريد الحرب الشاملة والإقليمية هي إسرائيل وحدها؛ وأن من يريد الحرب مع الساحات السبع الممانعة دفعة واحدة، وبنفس الوقت، هو نتنياهو وحده؛ وأن من يغطي هذه الحرب الإقليمية والشاملة سياسياً واستخباراتياً وتسليحاً هو إدارة بايدن صاحبة نظرية منع تحول حرب غزة إلى حرب إقليمية شاملة.
.. لا الصين ولا روسيا ولا حتى إيران يريدون الحرب الشاملة الإقليمية؛ فقط نتنياهو يريد ذلك؛ وفقط بايدن يقول إنه لا يريدها، ولكنه يسلحها ويدافع عن سياقاتها المتدرجة في المحافل الدولية والأمم المتحدة.
ويمكن بثقة القول إن المنطقة بدأت تشهد حرب نتنياهو الشاملة.. حتى الآن هناك من يجادل بخصوص متى ستندلع الحرب الشاملة؛ في حين أن إسرائيل قصفت أمس وفي ذات اليوم، اليمن وسورية ولبنان وغزة والضفة الغربية!!. وإذا كانت كل هذه النيران التي وزعتها إسرائيل أمس على عدة جبهات في المنطقة لا تسمى حرباً شاملة؛ فكيف ستكون معايير هذه الحرب إذن؟؟.
.. إن ما يجري هو “حرب شاملة” ولكنها حرب شاملة من قبل طرف واحد، ومن جانب واحد، ومن قبل قوة واحدة (إسرائيل نتنياهو) مدعومة بشكل مطلق من الدبلوماسية السياسية والعسكرية المضللة الأميركية. وبالمقابل فإن الدول العالمية الكبرى أو الإقليمية الكبرى، التي ادعت أنها تبني توازنات مع الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط، تعلن علناً – ولا تستحي من ذلك – بأنها لا تريد بالمقام الأول مواجهة الولايات المتحدة الأميركية لا عسكرياً ولا سياسياً؛ ولا تريد بالمقام الثاني فعل الكثير من أجل وقف تغول نتنياهو في المنطقة.
ويعلن نتنياهو المستغرق “بنشوة” اغتيال أمين عام حزب الله وقبله رئيس حركة حماس؛ أنه على بعد خطوة قصيرة من بدء حرب برية على لبنان؛ وبنفس الوقت تقصد أمس أن يسلط الضوء على أن الطائرات الإسرائيلية التي قصفت الحديدة تستطيع أن تقطع نفس المسافة لقصف إيران.. وكل هذه الحيويات العسكرية العدوانية تريد إيصال رسالة واحدة وهي أن حرب نتنياهو الشاملة في المنطقة مستمرة ولن تقف إلا عند نشوء جدار أميركي أمامها وهو أمر لن يحدث قبل معرفة من هو الساكن الجديد في البيت الأبيض بعد ٥ نوفمبر.