خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
برز خلال الساعات ال٧٢ الأخيرة تطور لافت تمثل بإقدام إسرائيل على الاعتداء على قوة اليونيفيل العاملة في منطقة عمليات القرار ١٧٠١.
لقد أعربت جهات أوروبية كثيرة عن شجبها لتعرض إسرائيل لقوات اليونيفيل؛ أضف إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أدان هذه الاعتداءات.
ولم يصدر عن الحكومة الإسرائيلية تعقيباً واضحاً على هذا التطور؛ غير أن مصادر دبلوماسية مطلعة اعتبرت أن هناك مجموعة أهداف تقف وراء شن إسرائيل لاعتداءات على قوات اليونيفيل:
أحد أبرز هذه الأهداف يعود لكون إسرائيل ترغب باستبدال قوات اليونيفيل بقوات من الناتو (أميركية وبريطانية بشكل أساسي)؛ وترغب من جهة ثانية بتعديل القرار ١٧٠١ ليصبح تحت الفصل السابع وليس تحت الفصل السادس، كما هو حاله حالياً. إذن ما تريده إسرائيل هو إحداث تغيير في جوهر صياغة القرار وفي هوية القوة العسكرية التي عليها تنفيذه.
وبالنسبة لدول مثل فرنسا وألمانيا اللتان تمثلان القوتين الأساسيتين في اليونيفيل، فإن الاعتداءات الإسرائيلية تعتبر عملياً عدواناً غير مباشر عليهما. وأكثر من ذلك فإن هذا السلوك الإسرائيلي يشي بأنه قد تكون كل من واشنطن وتل أبيب تريدان التخلص من أي دور لأوروبا في أي حل مقبل في المنطقة، ولذلك تسعيان لتصفية دور اليونيفيل في جنوب لبنان الذي يعتبر آخر دور لأوروبا ليس فقط في الشرق الأوسط بل في العالم. أضف لذلك أن أهمية اليونيفيل الأوروبي في جنوب لبنان تكمن في أنه يشكل منصة وضمانة كي يكون لأوروبا دوراً في التسويات النهائية في المنطقة.
وتلفت هذه المصادر ضمن هذا السياق إلى أن إسرائيل تحاول عبر اعتداءاتها على اليونيفيل إعادة الوضع بخصوص التفاوض على القرار ١٧٠١ إلى اللحظات التي جرى فيها التفاوض عليه خلال حرب العام ٢٠٠٦ وحينها لم تكتمل حلقة هذا التفاوض؛ ومفاد القصة هنا هو أنه حينها (أي قبيل التوافق على تشكيل قوات اليونيفيل)؛ طرحت الولايات المتحدة الأميركية أن يتم إرسال قوات من دول الناتو إلى الجنوب؛ وأن يتم ذلك بناء على طلب من مجلس الأمن تحت الفصل السابع؛ أو حتى من دون طلب من مجلس الأمن ولكن بشرط أن تلتزم الدول المشكلة منها هذه القوات أن تنفذ مهمتها في الجنوب بالقوة إذا لزم الأمر.
آنذاك رفض لبنان هذا الاقتراح وتم لاحقاً خلال تقدم المفاوضات الاستعاضة عنه بتشكيل قوة اليونيفيل من الدول الأوروبية بالغالب.. وحالياً تريد إسرائيل العودة إلى تلك المرحلة التي تم خلالها من قبل واشنطن إرسال جنود من الناتو إلى جنوب لبنان كي ينفذوا قرار ١٧٠١ بالقوة..
واضح أن إسرائيل قررت خوض ضغوط عسكرية على لبنان كي يقبل بإجراء تعديلات جوهرية على هوية ومضمون القرار ١٧٠١؛ والسؤال الكبير في بيروت هو هل يحظى هذا التوجه الإسرائيلي بغطاء سياسي أميركي؟؟.. وإذا كان الجواب بالإيجاب فهذا يعني أن القرار ١٧٠١ سيصبح “خط تماس” لحرب إرادات أوروبية مع واشنطن وتل أبيب، وذلك داخل “حرب سهام الشمال” الإسرائيلية ضد حزب الله!!.
وبهذا المعنى يبدو أن نتنياهو لا يريد فقط – كما يقول – تغيير المنطقة، بل يريد أيضاً فرض إرادته على نوعية حضور القوى الكبرى فيها!!..