خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس أن آموس هوكشتاين أوحى له بإمكانية وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان.. وبنفس الوقت كانت الأخبار تتوالى من إسرائيل ومن الولايات المتحدة الأميركية عن حصول تقدم كبير بالتفاوض لإحراز وقف نار بين إسرائيل وحزب الله؛ الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي بايدن لأن يرسل مبعوثه هوكشتاين إلى المنطقة.
.. حتى هذه اللحظة تبدو الأمور مطمئنة خاصة مع ورود أخبار تقول إن نتنياهو وافق على مقترح أميركي لوقف النار؛ ولكن الحذر المتبقي مرده مشكلة طالما عطلت في آخر لحظة توقيع اتفاق وقف النار بين حماس وإسرائيل؛ وهذه المشكلة إسمها “كذب نتنياهو” الذي اعتاد أن يوافق صباحاً على وقف النار وينكر ذلك مساءاً.
قبل أسابيع وافق نتنياهو على مضمون البيان الأميركي الفرنسي بخصوص وقف الحرب الإسرائيلية مع حزب الله؛ وأيضاً حصل هذا البيان على موافقة السيد حسن نصر الله حينها؛ ولكن بعد ساعات من إعطائه موافقته انقلب نتنياهو على كلامه، وأعلن أنه وافق فقط على المبدأ العام وليس على السير بتنفيذ الاتفاق.
.. وأمس أوحى هوكشتاين لميقاتي بأن نتنياهو وافق على مقترح أميركي جديد لوقف النار مع لبنان؛ وسربت هيئة البث الإسرائيلية أن نتنياهو وافق فعلاً، ولم يصدر عن مكتب الأخير تكذيباً لما سربته هيئة البث الإسرائيلية؛ وتم أيضاً حديث عن أن هوكشتاين سيصل إلى إسرائيل بغضون ساعات. وتبع ذلك تعليقاً على هذا الخبر يفيد بأن بايدن لم يكن بوارد أن يرسل مبعوثه هوكشتاين للشرق الأوسط لولا تيقنه بأن نتنياهو وافق على المقترح الأميركي، وأيضاً لبنان. ولكن رغم كل هذا السياق الذي يؤكد بالمنطق أن هذه المرة ستسلم الجرة من الكسر؛ إلا أنه لا تزال الأيادي موضوعة في واشنطن وفي بيروت وفي تل أبيب على القلوب، خشية أن يكرر نتنياهو في آخر لحظة – ومع هذه الفرصة الأخيرة والجديدة – نفس لعبة الكذب ذاتها بحيث يُقدم على لحس موافقته؛ والقول: أنا لم أوافق؛ بل كنت أتحدث بالأمر من حيث المبدأ”!!
هناك مجموعة اعتبارات تجعل المراقب لا يصدق “ما أوحى به هوكشتاين لميقاتي” عن قرب الفرج. أولاً لأن هوكشتاين قد يكون في حديثه لميقاتي، وفي حضوره إلى إسرائيل تحت عنوان ملاحقة آخر فرصة لإنهاء الحرب في لبنان وبنفس الوقت في غزة؛ إنما هو يلاحق ليس آخر احتمال لوقف الحرب؛ بل يلاحق آخر فرصة لإيجاد صوت عربي أو مسلم أميركي لصالح هاريس في ميشيغان.. ومعروف أن ميشيغان هي نجم الانتخابات الرئاسية الحالية كونها تمثل الولاية المتأرجحة التي سيكون لآلاف الأصوات فيها وليس للملايين؛ تأثير حاسم على فوز ترامب أم هاريس.. وولاية ميشيغان هذه مقطونة بنسبة عالية من مواطنين أميركيين سيقترعون يوم ٥ نوفمبر وفق اتجاهات رياح تأثرهم بما يحدث في غزة ولبنان
.. وبهذا المعنى قد يكون هدف هوكشتاين الحقيقي هو المجيء إلى المنطقة في إطار آخر جولة انتخابية له، وذلك بهدف أن يساعد الحزب الديموقراطي على حصد الأصوات العربية الأميركية في ميشيغان لصالح هاريس عبر توفير فرصة للأخيرة لتدعي من خلالها أن إدارة بايدن أرسلت هوكشتاين للشرق الأوسط في محاولة لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة!!
ثانياً- ليس هناك أية ضمانة تؤكد أن نتنياهو لا يناور كما فعل عشرات المرات خلال التفاوض بشأن إبرام صفقة في غزة. وما يحدث الآن ربما ليس أكثر من أن نتنياهو يفتح الباب لهوكشتاين من أجل مساعدة هاريس في المناورة الانتخابية؛ وبعد ذلك سيقوم نتنياهو بإغلاق الباب على ما ظنه أمس ميقاتي بحذر أنه انفراج قريب
ورغم أن الانتظار لمعرفة حقيقة ما يحدث هو أفضل خيار؛ إلا أن نتنياهو لا يمكن الوثوق بتعهداته التي تحتاج في كل مرة لاختبار صدقيتها من خلال عرضها على “آلة كشف الكذب..”.