خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
حدد الرئيس نبيه يوم ٩ يناير موعداً لعقد جلسة لانتخاب فخامة الرئيس العتيد.. الجلسة تقع في توقيتها قبل ١١ يوماً من دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. الأكيد أن الرئيس بري أوجد صلة في قرارة نفسه بين موعد ١١ يناير الذي انتقاه لعقد جلسة انتخاب الرئيس وبين وموعد ٢٠ يناير الأميركي (دخول ترامب للبيت الأبيض)؟؟.
.. بكل حال فإن المعلومة الشائعة منذ يوم ٥ نوفمبر الماضي تفيد بأن الرئيس المنتخب أبلغ كل من يهمه الأمر بأنه يريد أن يجد “طاولة الرئيس في البيت الأبيض يوم ٢٠ يناير نظيفة من كل الأزمات التي لها صلة بملف حربي غزة ولبنان”.. ويبدو أن القوى الإقليمية واللاعبين المحليين المعنيين بالأزمة اللبنانية ليس لديهم خيار سوى تجنب معاكسة ما يتم تسميته “بوهج ترامب” الذي تتهيبه دول العالم والذي يلفح بضغوطه كل مستويات القرار في العالم.
.. والواقع أن “وهج ترامب” هذا هو ما يفسر لماذا استجاب نتنياهو الآن بلمحة بصر لمسعى هوكشتاين حول وقف النار على الجبهة اللبنانية؛ علماً أنه في أيلول الماضي وقبل أن يبسط ترامب وهجه كرئيس منتخب، كان نتنياهو مارس مناورة إسقاط البيان الأميركي الفرنسي لوقف النار بين لبنان وإسرائيل؛ وذهب حينها لخيار أقصى التصعيد مع لبنان (اغتيال السيد حسن نصر الله) وليس للتهدئة.. وربما هذا ما يفسر أيضاً تعاظم حيويات التحرك المصري الراهن لإنتاج حل قريب لحرب غزة، وكل شرط نجاحه هو أن يتم إبرامه قبل ٢٠ يناير؛ وضمن نفس هذه المسارات المدفوع من قوة وهج ترامب الدولي، يمكن أيضاً تفسير – ولو على مستوى أضيق – لماذا حدد بري يوم ٩ يناير الذي يسبق يوم ٢٠ يناير موعداً لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي في لبنان.. وعليه تسود قناعة بأن جلسة ٩ يناير ستؤدي لانتخاب فخامة الرئيس؛ وذلك تحت ضغط وهج ترامب الذي سيدفع بمسار ضرورة أن يدخل الرئيس اللبناني المنتخب قصر بعبدا قبل أن يدخل ترامب البيت الأبيض.
وخلال الفترة التي تفصل لبنان عن يوم ٩ يناير سوف تكون مساحة الحدث فيه شبه محصورة باختبار فترة الـ٦٠ يوماً المخصصة لإنجاز الترتيبات اللوجستية لانتشار الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من نقاط يحتلها داخل الأراضي اللبنانية. وهنا تبرز مشكلة لن يكون حلها سهلاً على لجنة الرقابة الخماسية بعد استقرارها في لبنان؛ وقوام هذه المشكلة تتعلق بأن إسرائيل تحاول جعل فترة ٦٠ يوماً هي فترة تأكيد قدرتها على فرض تفسير نفسي للقرار ١٧٠١ على المناخ اللبناني؛ بمعنى تريد إسرائيل خلال فترة ٦٠ يوماً تعميم الاعتقاد وتعميم التسليم في لبنان بأن تطبيقات القرار ١٧٠١ – كما ينص عليها اتفاقا إسرائيل مع لبنان وإسرائيل مع أميركا – تعني أن إسرائيل ستكون الآن وغداً طليقة اليدين سواء داخل منطقة الـ١٧٠١ أو في كل لبنان.
وتريد إسرائيل فرض تسليم نفسي يقول ان تطبيقات القرار ١٧٠١ بصيغتها الجديدة تعني أمراً واحداً وهو خنق حزب الله عسكرياً سواء داخل منطقة الـ١٧٠١ أو في كل لبنان وحتى في سورية.
إن خطورة هذه الممارسات الإسرائيلية تكمن في أنها تريد تجاوز علاقتها بلجنة الرقابة أو الإيحاء بأن واشنطن أجازت لها تجاوز هذه اللجنة؛ وهو أمر غير صحيح؛ وسيكون مطلوباً من لجنة الرقابة توضيح هذا الأمر عملياً بعد بدء عملها في الأيام القريبة؛ علماً أن باريس أشارت لهذا التجاوز الإسرائيلي أمس وأول أمس، عندما صرحت أن تل أبيب ارتكبت تجاوزات عدة لاتفاق وقف النار الجديد. وكلام فرنسا العضو في لجنة الرقابة أكبر دليل على أن إيحاءات إسرائيل عن أن تطبيقات القرار ١٧٠١ يسمح لها بحرية عمل مطلقة غير صحيحة.
وكل التوقعات تشير إلى أن الأسابيع الثلاثة القادمة ستخصص لثلاثة استحقاقات:
الأول بدء لجنة الرقابة عملها وحسم تجاوزات إسرائيل للتطبيقات القرار ١٧٠١ .
الثاني تسريع عملية انتشار الجيش اللبناني.
الثالث الانتقال من مرحلة تظهير مواصفات فخامة الرئيس العتيد إلى مرحلة تظهير ملامحه الشخصية.