لم يترك رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مجالاً للشك في عزم الدولة على احتكار السلاح. رسم خريطة الطريق ويبقى للجيش تنفيذها. استبق الرئيس جلسة الثلثاء الحكومية بمواقف وصفها البعض بخطاب قسم منقحٍ، قاطعاً الطريق بالدبلوماسية على “عنتريات” حزب الله ومواقف امينه العام الشيخ نعيم قاسم ومحاولات الالتفاف على القانون والشرعية. عبّد الطريق أمام مجلس الوزراء بحنكة رئاسية و كشف للبنانيين مضمون المفاوضات مع الجانب الاميركي لإزالة كل التباس او شائبة. وييقى للحكومة ان تُثبت اهليتها وقدرتها على اتخاذ القرار بجدولة تسليم السلاح، واقران القول الرئاسي بالفعل الحكومي، فهل تفعل وتنقذ لبنان من انتحار يقوده اليه الحزب عنوة ام تستسلم لفائض قوته فيفيض عليها وعلى لبنان السلام؟
حصر السلاح: عشية جلسة مجلس الوزراء التي ستناقش ملف السلاح على وقع رفض تسليمه اعلنه امس نعيم قاسم، جدد رئيس الجمهورية تمسكه بدولة ذات سلاح واحد. واعتبر الرئيس عون، خلال الاحتفال الذي أقيم في مقر وزارة الدفاع الوطني في اليرزة قبل الظهر، في ذكرى شهداء الجيش الذي يصادف في 31 تموز من كل عام، ان من واجبه وواجب الأطراف السياسية كافة “عبر مجلس الوزراء والمجلس الاعلى للدفاع ومجلس النواب والقوى السياسية كافة، أن نقتنص الفرصة التاريخية، وندفع من دون تردد إلى التأكيد على حصرية السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية”، داعيا الى ان نحتمي جميعاً خلف الجيش متوجها بنداء “الى الذين واجهوا العدوان والى بيئتهم الوطنية الكريمة أن يكون رهانكم على الدولة اللبنانية وحدها. وإلا سقطت تضحياتكم هدراً، وسقطت معها الدولة أو ما تبقى منها.” واكد رئيس الجمهورية أن حكومة الرئيس نواف سلام أعطت الأولوية لستة ملفات نظراً لحدود ولايتها الزمنية دون أن تغفل ملفات أخرى، مشددا على ان القضاء مطلق اليدين لمكافحة الفساد والمحاسبة وإحقاق الحق وتكريس مبدأ المساواة أمام العدالة، وعلى انه سيوقع مرسوم التشكيلات القضائية فور ورودها. وقال: “معا نريد استعادة دولة تحمي الجميع فلا تستقوي فئة بخارج، ولا بسلاح، ولا بمحور، ولا بامتداد ولا بعمق خارجي ولا بتبدل موازين. بل نستقوي جميعاً بوحدتنا ووفاقنا وجيشنا، واجهزتنا الأمنية”.
الرد اللبناني: وكشف رئيس الجمهورية حقيقة المفاوضات التي باشرها مع الجانب الاميركي بالاتفاق الكامل مع رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وبالتنسيق الدائم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري التي تهدف الى احترام تنفيذ إعلان وقف النار، لافتا الى ان لبنان اجرى تعديلات جوهرية على مسودة الأفكار التي عرضها الجانب الاميركي ستطرح على مجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل، معددا اهم النقاط التي طالب بها ومنها: وقف فوري للأعمال العدائية الاسرائيلية، وانسحاب اسرائيل خلف الحدود المعترف بها دولياً، وإطلاق سراح الأسرى وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها، وسحب سلاح جميع القوى المسلحة ومن ضمنها حزب الله وتسليمه الى الجيش اللبناني، وتأمين مبلغ مليار دولار أميركي سنويا لفترة عشر سنوات من الدول الصديقة لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية وتعزيز قدراتهما، وإقامة مؤتمر دولي للجهات المانحة لإعادة إعمار لبنان في الخريف المقبل، وتحديد وترسيم وتثبيت الحدود البرية والبحرية مع الجمهورية العربية السورية بمساعدة كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والفرق المختصة في الأمم المتحدة، وحل مسألة النازحين السوريين، ومكافحة التهريب والمخدرات ودعم زراعات وصناعات بديلة.
هيكل: في المناسبة نفسها، كانت كلمة لقائد الجيش العماد رودولف هيكل قال فيها: “نتعهد امامكم وامام شعبنا ان نحمي الاستقرار والسلم الأهلي، ولن نسمح ابدا بأي تهديد لأمن بلادنا. اجدد ترحيبي بكم، فخامة الرئيس، وأعرب عن شكري لكم ولمعالي وزير الدفاع الوطني، ولكل من يبدي التضامن والدعم للمؤسسة العسكرية. وكلي أمل بأن تحمل الأيام المقبلة ما نتمناه من إستقرار وإزدهار لوطننا العزيز. واهلا وسهلا بكم فخامة الرئيس”.
الجميل: وتعليقا على خطاب الرئيس عون، كتب رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل عبر منصة “أكس”: “في العيد الثمانين للجيش، سمعنا موقفاً واضحاً لا لُبس فيه لرئيس الجمهورية من ضرورة حصر السلاح اليوم قبل الغد. نأمل أن تترجمه الحكومة الثلاثاء بخطوات عمليّة لتطبيق القانون على الجميع واستعادة سيادة الدولة وهيبتها”.
حمادة: بدوره، قال عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب مروان حمادة، “استمعنا اليوم الخميس من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الى خطاب القسم الثاني، وفيه سهّل على الحكومة والبرلمان تحقيق المهمات الكبرى”. وقال حمادة في تصريح “عون انتزع الفتائل التي قد تشوب جلسة مجلس الوزراء الثلثاء، وأحسن في كشف الرسالة اللبنانية إلى الموفد الأميركي توم براك، ولم يكن عدائياً مع أحد بل أكد شرعية السلاح الأوحد”.
الـ1701: وسط هذه الاجواء، استقبل وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى في مكتبه في اليرزة المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت، التي هنّأته بعيد الجيش اللبناني. وجرى خلال اللقاء عرض للتطورات في البلاد، لا سيما الأوضاع الأمنية على الحدود الجنوبية، بالإضافة إلى دور قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) في حفظ الاستقرار، وذلك في ظل التنسيق والتعاون القائمين بين الجيش اللبناني والقوات الدولية. كما تم تأكيد أهمية الالتزام الكامل بتطبيق القرار 1701 بجميع مندرجاته، بما يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة، ويحفظ السيادة اللبنانية ضمن إطار الشراكة مع الأمم المتحدة.
بري: عشية عيد الجيش اللبناني توجه رئيس مجلس النواب نبيه بري مهنئاً قائلاً: “ثمانون عيداً من عمر هذه المؤسسة الوطنية الجامعة وهي تعمُد أعيادنا بالوفاء، وتصون السيادة بعظيم التضحيات، وتحمي الوحده بشرف الإنتماء”. وأضاف رئيس المجلس: “للجيش اللبناني قيادة وضباطاً ورتباء وجنود وشهداء وجرحى، تحيةإعتزاز وتقدير، هو الرهان ومحط آمال اللبنانيين في الأمن والأمان والدفاع عن الارض والانسان وصنع قيامة لبنان”.
تشريع: على الصعيد التشريعي، عقدت في الحادية عشرة قبل الظهر الجلسة العامة التشريعية لدراسة ومناقشة مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الاعمال، برئاسة الرئيس بري. وأقر المجلس إقتراح القانون الرامي الى تعديل بعض أحكام القانون رقم 11 المتعلق بالايجارات للاماكن غير السكنية. وأقر القانون الرامي إلى التعديل بعد أحكام القانون رقم 73 تاريخ 23/4/2009 وتعديلاته (تحديد شروط إعطاء مديري المدارس الرسميه تعويض إدارة) بمادة وحيدة. واعاد إقتراح القانون الرامي الى تعديل فقرة من قانون مزاولة مهنه الصيدلة الى لجنة الصحة النيابية. وتم تأجيل البت بقانون تنظيم القضاء العدلي إلى الجلسة المسائية بناءً على اقتراح رئيس الحكومة لمزيد من الدرس بهدف المواءمة بين إقتراح لجنة الإدارة والعدل ومشروع الحكومة. وعلم ان رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان أصرّ على اتباع الأصول البرلمانية بأن تسحب الحكومة مشروع وزير العدل لاستقلالية القضاء وتضع ملاحظاتها عليه ثمّ يسلّمها سلام لعدوان الذي سيعرضها على لجنة الإدارة والعدل قبل موعد الجلسة المسائية لإقرارها في الهيئة العامة وفق ما ترفعه اللجنة. وناقشت الهيئة العامة لمجلس النواب مشروع القانون المتعلق بإصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها مادة مادة… وتستأنف الجلسة التشريعية في الخامسة والنصف عصراً.

