خاص الهديل….

كتب بسام عفيفي
“لم يكن بالإمكان أبدع مما كان”.. يمكن تطبيق هذه المقولة على نتائج اجتماع جلسة يوم أمس الحكومية؛ ذلك أن قراراتها أعطت “مهلة قريبة” لاستكمال البحث وهي بعد يومين؛ وأعطت “مهلة متوسطة” لتقديم الجيش خطته لحصر السلاح وهي نهاية هذا الشهر؛ وأعطت “مهلة بعيدة نسبياً” لتنفيذ سحب السلاح وهي نهاية هذا العام.
.. وعليه يمكن وصف قرار جلسة أمس الحكومية بأنه ينتمي لمنهجية التمرحل باستيعاب صدمة حزب الله عبر تقسيم رد فعله على فكرة تسليم سلاحه إلى ثلاث دفعات بدل أن تكون على دفعة واحدة؛ وأيضاً تنتمي لمنهجية تقسيم ردة فعل المجتمع الدولي على عدم مطالبة الحكومة الحزب بتسليم سلاحه الآن – أقله كما تريد أورتاغوس العائدة لإدارة الملف – إلى ثلاث دفعات متقطعة الأمر الذي يسهل احتوائها؛ وأيضاً تقسيم الخلاف الداخلي إلى ثلاث مراحل وذلك على مدى نحو خمسة أشهر حتى نهاية هذا العام؛ مما يسهل أيضاً فكفكة عبواته الناسفة.
كل الاستحقاقات التي مرت بخصوص مقاربة ملف سلاح حزب الله تثبت أن إدارته لها صمام أمان أساسي وهي رئيس الجمهورية، ذلك أنه ينجح فيما هو مطلوب منه من قبل الداخل والخارج على السواء: ينجح داخلياً في إبقاء قطار حل ملف سلاح الحزب موجوداً على السكة ويتقدم نحو محطته النهائية وهي نهاية هذا العام. ويحصل ذلك عبر استخدام كل أنواع الفرامل اللازمة لقطار يسير في سكة شاقة ومعرضة لكل أنواع الحوادث..
وينجح رئيس الجمهورية خارجياً من خلال تطويع المواعيد الضاغطة وجعلها تتقبل ولو بشق النفس المواعيد اللبنانية المتمرحلة ولكنها الجدية والواضحة.
أمس حصل إنجاز وهو أن الحكومة الأولى في عهد الرئيس جوزاف عون نجحت لأول مرة منذ بدء جمهورية الطائف بوضع سلاح حزب الله على طاولة دولة وحكومة دولة وقرار دولة. ومرة أخرى يقود رئيس الجمهورية قنبلة موقوتة داخل بلد منقسم ويتقدم بها نحو أفق مملوء بالنيران؛ ومع ذلك فهو وعد ويكرر وعده بأن لبنان سيشهد الحل الكبير لأكبر مشكلة تواجهه (سلاح الحزب) مع نهاية هذا العام. ويجب أن تتم بعناية هنا ملاحظة أن قرار جلسة أمس الحكومية عادت وأكدت على أن نهاية هذا العام لا يزال هو الموعد الذي ضربه فخامة الرئيس لحل ملف سلاح حزب الله.
وبمقابل الثقة بأن جلسة أمس الحكومية كانت اتصالاً مع جهود العهد الأخيرة وتواصلاً مع قادم جهوده المقبلة؛ فإنه لم يعد خافياً بعد تطورات الأسابيع الأخيرة أن لبنان عالق بين مطبين هوائيين يضغطان عليه؛ الأول حار وهو خارجي ويطالبه بحل سريع لملف سحب سلاح حزب الله؛ وهذا المناخ الحار ينظر لأي تأخير على أنه تعبير عن ضعف الدولة تجاه ما يسمونه “دويلة الحزب”.. والثاني ساخن وهو داخلي ويتمثل بوجود انقسام أفقي وعامودي داخلي إلى جانب انقسام مختلف الأشكال مقيم فوق الأرض اللبنانية حول ملف سلاح حزب الله.
أخطر ما قد يحدث هو حصول اصطدام بين هذين المناخين المتناقضين؛ فاصطدام التيار الحار الخارجي بالتيارات الساخنة الداخلية والمقيمة؛ سوف يولد الانفجار. وما يزيد المشكلة تعقيداً هو أن منع الانفجار لا يمكن مقاربته بإدارة الظهر للمناخ الخارجي أو المناخ الداخلي، أو بالانتظار وشراء الوقت أو استعجال الوقت، ذلك لأن كلتي المناخين لديه أسلحته في تجسيد قدرته على التأثير الداخلي الكبير.
وعليه يمكن بالخلاصة القول أنه لا يوجد فرق كبير بين أمس؛ أي بين جلسة يوم الثلاثاء الكبير وبين جلسة يوم غد لأنها أيضاً ستوصف بأنها جلسة يوم الخميس الكبير؛ والسؤال متى تعقد جلسة التأكد أننا في حكومة لبنان الكبير!!

