بقلم الكاتب والمحلل السياسي والأمني
اللواء م الدكتور عبداللطيف بن محمد الحميدان
مما لاشك فيه ان حب الاوطان ليس كلمات تُقال في المناسبات فحسب ولا شعارات في المناسبات ترفع بل هو قيمة إنسانية راسخة تُبنى في وجدان الأبناء منذ الصغر. وهذه القيمة تحتاج إلى جهد منظم تتكامل فيه أدوار المسجد والأسرة والمدرسة والأقران والإعلام لبناء حب الأوطان في نفوس الأجيال كما تؤكد ذلك تجارب كثير من الدول التي نجحت في غرس الانتماء في أجيالها من خلال هذه المدارس الخمس علما بأن هذا البناء مسؤلية تتجلى فيها الشراكة فالمسجد في مجتمعاتنا هو منبر لغرس القيم من خلال خطب الجمعة والدروس الوعظية التي يمكن أن ترسخ أن حب الوطن جزء من الإيمان والتجربة الماليزية مثلًا أبرزت فيه هذا الدور حين جعلت القيم الوطنية جزءًا من الخطاب الديني فارتبط الحفاظ على البيئة والنظام بخطاب العبادة وأما دور الأسرة فهي اللبنه الأولى التي يتشرب الأبناء الانتماء عبر القدوة الصالحه ففي اليابان يتعلم الأطفال منذ الصغر احترام الممتلكات العامة والنظام من خلال سلوك الوالدين اليومي فيكبر الطفل وهو يرى وطنه انعكاسًا لقيمة يعيشها في بيته وليس عبر التعليمات فقط اما المدرسة فهي بدورها تصنع الهوية الوطنية عبر المناهج والأنشطة ففي سنغافورة جُعل تاريخ البلاد قصة نجاح تُدرَّس للأجيال فترسخ الفخر بالوطن في نفوس الطلاب ويتضح ذلك ايضا في تجربة المملكة العربيه السعودية من خلال الاحتفالات المدرسية باليوم الوطني ويوم التأسيس في تعميق هذا الانتماء بشكل عملي واحتفالي بالاضافه إلى تحفيز ابناء الوطن في بناء وطنهم وابراز المنجزات الوطنيه من خلال إشاعة ذلك في أوساط المجتمع من اجل بناء مناخ عام ليكون المواطن شريكا رئيسيا في البناء والولاء كما أن الأقران لهم تأثير لا يُستهان به فالتجارب المشتركة تخلق سلوكًا جماعيًا ففي كوريا الجنوبية يشارك الطلاب في حملات خدمة المجتمع من تنظيف وتشجير فينشأ جيل يرى ان العمل الجماعي جزءًا من واجبه الوطني وأما الإعلام، فهو المعلم الخفي ففي مصر لعبت الدراما والأفلام الوثائقية دورًا كبيرًا في إبراز التضحيات الوطنية حتى وصل حب مصر لدى المصريين حبا غير مشروط بالرغم من اوضاعهم الاقتصاديه المترديه ولكن الاعلام لعب دورا في غرس حب الوطن والولاء في نفوس المصريين لوطنهم وفي الإمارات قُدّمت برامج تربط بين حب الوطن والابتكار والطموح، ليصبح الانتماء متصلًا بالمستقبل ولهذا اود القول أن تربية الأبناء على حب الوطن مسؤولية مشتركة وليست حكرًا على مؤسسة بعينها وعندما تتكامل جهود المسجد والأسرة والمدرسة والأقران والإعلام نصنع أجيالًا تعتز بهويتها وتضع مصلحة وطنها فوق كل اعتبار لكي يصبح الوطن اولا ثم اولا ثم اولا
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

