خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة
يريد الشرق الأوسط أن يصدق وعود الرئيس الأميركي ترامب أقله بخصوص ثلاث نقاط: الأولى أن الحرب في غزة انتهت فعلياً؛ والثانية أن ترامب يستطيع أن يضبط نتنياهو وقبل ذلك يريد أن يضبط نتنياهو؛ والنقطة الثالثة أن ترامب ذاته في هذه المرة هو قائد جاد وليس شخصية هوائية؛ وأنه سيتابع بإخلاص وبجدية عملية إحلال السلام في الشرق الأوسط.
وبالتوقف عند كل نقطة من هذه النقاط الثلاث يظهر التالي أو بتعبير أدق يمكن التكهن بالتالي:
بخصوص النقطة الأولى لوحظ أن ترامب قال لنتنياهو غير مرة خلال خطابه في الكنيست أمس بلهجة صارمة ما معناه: لتفهم أن الحرب انتهت.
.. لكن بالمقابل فإن نتنياهو صاغ جزءاً من خطابه على شكل توجيه شكر لترامب على أهم المواقف التي اتخذها والتي تعتبرها إسرائيل إنجازات استراتيجية لها..
.. وحينما يعرض نتنياهو هذه الإنجازات المقدمة من ترامب تحت عنوان أن إسرائيل تشكره عليها، فهو من خلال ذلك (أسلوب إظهار الشكر) إنما يريد الإيحاء لدرجة التأكيد بأن هذا الثمن السياسي دفعه ترامب لإسرائيل؛ وأن هذا الثمن هو المقابل التي نالته إسرائيل لوقف الحرب..
وعليه يمكن القول أن نتنياهو تقصد أن يورد ما اعتبره ثمناً تم الحصول عليه من ترامب، بأسلوب تقديم الشكر عليه حتى يقول بين السطور ولكن بشكل واضح أن هذا الثمن من ترامب تم جنيه وأن نتنياهو حصل عليه فعلياً من ترامب؛ وليس في صدد الحصول عليه منه.
والواقع أن هذا الثمن حسبما عرضه نتنياهو بمعرض شكر ترامب عليه، يتألف من ثلاث أشياء تعتبرها إسرائيل إنجازات استراتيجية لها؛ وهي التالية:
الأول موافقة ترامب على ضم الجولان؛ والثاني نقل ترامب سفارة الولايات المتحدة الأميركية إلى القدس؛ وهذه خطوة تعادل اعتراف إدارته بالقدس عاصمة لإسرائيل؛ الثالث موافقة ترامب على ضم ٣٠ بالمئة من الضفة الغربية لإسرائيل.
مرة اخرى اختار نتنياهو أسلوباً خبيثاً في الكشف عن هذه الأثمان السياسية التي يريد القول أن ترامب قدمها لإسرائيل؛ ومفاد هذا الأسلوب هو قوله في خطابه بالكنيست أمس أن اسرائيل تشكر ترامب على التزامه بهذه الأشياء الثلاثة؛ بمعنى أن نتنياهو يوحي بمعرض التأكيد أن ترامب ليس في لحظة أنه يريد تقديم هذه الأمور الثلاثة لإسرائيل، بل ان تل أبيب تتعامل معها على أساس أن ترامب قدمها لها وانتهى الأمر؛ وهذا ما استدعى شكره على تقديمها لإسرائيل وليس مطالبته بتقديمها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أنه طالما أن إسرائيل تتعامل مع مبادرة ترامب انطلاقاً من أن صاحبها من جهة موافق على ضم ٣٠ بالمئة من الضفة الغربية إلى إسرائيل؛ وأن صاحب المبادرة (أي ترامب) من جهة ثانية يعترف أيضاً بالقدس عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل؛ وأن صاحب المبادرة يعترف أيضاً ومن جهة ثالثة بأن الجولان أرض إسرائيلية؛ فعليه ماذا تبقى للعرب من مبادرة ترامب؛ وماذا تبقى للفلسطينيين أيضاً منها.
وضمن هذا السياق يجدر الإشارة إلى أن “العبارة القاتلة” لمبادرة ترامب؛ وردت أمس في خطاب نتنياهو والتي جاءت في إطار شكره لترامب على موافقته على ضم ٣٠ بالمئة من الضفة الغربية لإسرائيل؛ وببساطة فإن هذه العبارة تعني أنه لا يوجد في مبادرة ترامب تصور عملي لإقامة دولة فلسطينية؛ وتعني أيضاً وبالأساس أن مبادرة ترامب في أفقها الفلسطيني هي نسخة طبق الأصل عن مشروع اليمين الديني الإسرائيلي بخصوص حل القضية الفلسطينية؛ وهو مشروع يتمثل بتقطيع الضفة الغربية إلى قسمين إثنين: الأول تسميه إسرائيل يهودا والسامرة وهو الصالح للحياة والنمو؛ ويتشكل من المستوطنات التي باتت مرتبطة ببعضها البعض والتي أصبحت مستوطنة اودميم عاصمة لها، وقسم ثاني عربي وهو عبارة عن ست مدن عربية منفصلة عن بعضها البعض ومحاصرة بالمستوطنات وليس لها اتصال بالقدس.

