خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة
قال الرئيس نبيه بري أمس لصحيفة عربية ثلاثة أمور أساسية يمكن الركون إليها لإماطة اللثام عن ملامح اللحظة الراهنة التي اكتنفها في الساعات الـ٧٢ الأخيرة الكثير من التوتر والضباب المشبع باحتمالات هبوب العاصفة، والسبب الأساس أو المباشر الذي أشاع هذا الجو الضبابي والمتوتر هو تصريح مبعوث ترامب للبنان توم براك الذي أعلن فيه بأن مماطلة حزب الله بتسليم سلاحه ينذر بحصول مواجهة كبرى مع إسرائيل.
.. أما الأمور الثلاثة التي قالها بري أمس هي التالية:
أولاً: كشف بري بالحرف أن براك أبلغ لبنان أن إسرائيل رفضت المبادرة الأميركية بشأن المسار التفاوضي.
.. وما يريد قوله بري بالسياسة في هذه النقطة هي أن مبعوث واشنطن الذي رفض نتنياهو مبادرته بخصوص لبنان، تحول من خلال كلامه (أي كلام براك) أمس من وسيط لم يعد يملك مبادرة إلى ناقل تهديدات إسرائيلية لا يملك اثباتات.
وكان مهماً أن يذكر بري أمس وبمناسبة ما قاله براك عن إسرائيل على وشك “أن تهجم”، أن براك عينه هو الذي أبلغ لبنان أن إسرائيل رفضت مبادرته!!
الأمر الثاني الذي قاله بالحرف الرئيس بري أمس هو أن ثقل الجهد لتسوية تنفيذ اتفاق تشرين بين لبنان وإسرائيل أصبح موجوداً الآن في المكانيزم التي باتت تجتمع كل أسبوعين..
.. وما يريد الرئيس بري قوله هنا بالسياسة، وذلك أيضاً بمناسبة كلام براك أمس الذي وتر أجواء البلد، هو أنه بعد رفض إسرائيل مبادرته لم يعد براك هو مفتاح المعالجة والحل والربط بيده؛ بل أصبح بيد الميكانيزم التي بدأت تمارس مهامها بشكل مكثف.
الأمر الثالث الذي قاله الرئيس بري أمس أنه ليس متفاءلاً ولكنه ليس متشائماً؛ ويريد بري عبر هذا الكلام القول بالسياسة أن هبات التشاؤم التي يطل بها براك بين الحين والآخر؛ لا تعبر عن حذاقة سياسية بل عن انفعالية سياسية.
يبقى أمر رابع لم يقله الرئيس بري؛ ولكن الوقائع تقوله، وهو أن إدارة الرئيس ترامب أخذت منذ أسابيع قراراً منسقاً مع نتنياهو بإبعاد توم براك بالتدريج عن الملف اللبناني؛ وذلك لعدة أسباب منها أنه محل مساءلة بخصوص قضايا معينة؛ وثانياً لأن نتنياهو اتهمه بأنه انحاز لموقف الرئيس أحمد الشرع في ملف السويداء على حساب موقف إسرائيل، وثالثاً لأن تل أبيب رفضت كل آلية براك التي عرفت بصياغة الورقة الأميركية الإسرائيلية..

