خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة
إنتهت مناورة الجليل التي دامت نحو أسبوع والتي تم توجيه الأنظار إليها بوصفها “بروفا” لشن حرب جديدة على لبنان.
والواقع أن مناورة الجليل في توقيتها تعني مجموعة أمور هامة، أبرزها أن الجيش الإسرائيلي بعد كل المناورات الحية التي قام بها ضد لبنان العام الماضي وفي غزة طوال عامين وفي الضفة الغربية وجنوب سورية وإيران واليمن وصولاً إلى قطر، يتضح أنه بختام كل هذه الحروب والمناورات الحية؛ يقوم حالياً بمناورة التدرب على كيفية مقاربة العبر التي استنتجها من كل هذه الحروب الماضية؛ ويتضح أيضاً أن الجيش الإسرائيلي – وهذا هو الأهم – يحتاج لترميم سريع لبعض النواقص الهامة في أدائه الميداني؛ فيما منطق الأمور كان يقتضي أن يذهب الجيش الإسرائيلي بعد كل هذه الحروب الطويلة ومتعددة الجبهات إلى فترة راحة والتقاط نفس طويل..
والواقع أن إجراء المناورات بمعنى المحاكاة العسكرية خلال فترات الحروب الفعلية وأثنائها أو بعد انتهائها مباشرة، يدلل على أن هناك لدى الجيش حاجة استثنائية للقيام بها؛ وهذا يقود لاستنتاج أن الجيش الإسرائيلي مضطر تحت ضغط الحاجة الملحة لإجراء مناورة محاكاة بعد كل هذه الحروب الفعلية تحرمه حاجته الماسة إلى فرصة راحة والتقاط الأنفاس.. وهذه الجزئية تدلل على أن هناك مشكلة قائمة برزت لدى الجيش بعد وقف الحرب؛ ولا تدلل على نهاية مشكلة كانت قائمة لدى الجيش قبل الحرب أو خلالها.
واللافت ضمن السياق ذاته أنه بعد حرب أوكرانيا وحرب ال١٢ يوماً بين إيران وإسرائيل، اكتشفت دول العالم الكبرى أنها بحاجة لإجراء مناورات لجيوشها ولمراجعة لعقيدتها العسكرية؛ لأن هذه الحرب دللت على وجود نقص في فهم الجيل الجديد من الحروب. مثلاً تركيا التي تعد ثاني أكبر قوة في الناتو، أعادت قراءة كل تاريخها العسكري؛ وواشنطن غيرت اسم وزارة الدفاع لتصبح وزارة الحرب؛ أي عادت إلى رؤية العالم عسكرياً كما كان قبل الحرب العالمية الأولى؛ وليس فقط قبل حروب أوكرانيا وغزة وإيران؛ والدول الإسلامية الكبرى في المنطقة تتجه لتنسيق أكبر بين قواها العسكرية والتموضع تحت المظلة النووية الباكستانية، الخ..
وكل ما تقدم يقود لإظهار استنتاج يقول أن المناورات في فترة ما بعد توقف الحرب لا يعني بالضرورة الذهاب لحرب جديدة بقدر ما يعني دراسة عِبر الحرب التي انتهت وسد نواقص الحرب المقبلة فيما لو وقعت..

