كتب عوني الكعكي:
أميركا أرسلت طائراتها ومدمراتها لتحمي حقل كاريش بعدما وصلت الباخرة Energean Power حيث ستبدأ إسرائيل من خلالها باستخراج النفط من الحقل المذكور. وللعلم فقط فإنّ إسرائيل أمضت 5 سنوات وهي تبحث في البحر عن حقول النفط والغاز… وبعد انتهائها من تحديد مواقع الآبار انتقلت الى المرحلة الثانية والتي هي البدء باستخراج مادة الغاز والبنزين… وبدأت بالفعل بعملية الاستخراج من حقل كاريش. وقد بلغت كلفة الاستخراج هذه ملياراً و200 مليون دولار.
وما إن رست الباخرة حتى جاءت الطائرات والمدمرات الاميركية لتوجه رسالة الى إيران بأنّ هناك خطاً أحمر لن يسمح لها بتخطيه… لكنّ الايرانيين كعادتهم يحبّون اللعب «بالنار» ويمارسون لعبتهم المفضلة وهي الوصول الى حافة الانفجار، لكنهم ينسحبون قبل حدوث هذا الانفجار.
أما بالنسبة للمسيّرات التي أطلقها «الحزب» وهي ثلاث، والتي دمرها الطيران الاسرائيلي والصواريخ الاسرائيلية. فتلك كانت رسالة من إيران تقول بعد فشل الاتفاق النووي في الاجتماع الذي حصل في قطر لأوّل مرّة بين المبعوث الأممي جوزيب بوريل والمبعوث الإيراني حسين عبد اللهيان بينما كان المبعوث المفاوض الاميركي روبرت مالي ينتظر في غرفة ثانية في الفندق نفسه.
فشل الاجتماع هو السبب الذي دفع إيران الى إعطاء الأوامر الى «الحزب» بإرسال المسيّرات عسى أن يحرّك هذا العمل إعادة البحث في الموضوع النووي خاصة وأنّ الحالة الاقتصادية في إيران وصلت الى وضع حرج جداً ما بات يهدد النظام الايراني خاصة وأنّ التظاهرات التي يقوم بها الشعب الايراني قد عمّت مختلف أنحاء إيران وتزداد عنفاً، لأنّ الجوع كافر، وأنّ الغلاء والأوضاع الاقتصادية الصعبة وظروف الحياة أصبحت مستحيلة، حيث ان هناك 50 مليون مواطن تدفع الدولة 20 يورو لكل منهم شهرياً. كما ان ارتفاع الدولار مقابل التومان وصل الى 350 ألفاً بعدما كان كل دولار يساوي 5 تومان.
إطلاق الطائرات جاء لسبب بسيط هو ان هناك مليارات من الدولارات محتجزة في أميركا، ولا يمكن أن تحصل عليها إيران إلاّ بعد أن يتم الاتفاق على القضية النووية.
لذلك، ما صرّح به دولة رئيس مجلس الوزراء الذي هو في الوقت نفسه الرئيس المكلف بتشكيل حكومة جديدة، بعد اجتماعه مع وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة عبدالله ابو حبيب أنّ ما جرى في الجنوب إثر إطلاق الحزب 3 مسيّرات، وما أثارته من ردود فعل عن جدوى هذه العملية التي جرت خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الديبلوماسي، وخصوصاً ان المفاوضات الجارية بمساعٍ من الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين قد بلغت مراحل متقدّمة. وفي هذا الاطار، جدّد لبنان دعمه مساعي الوسيط الاميركي للتوصّل الى حل يحفظ الحقوق اللبنانية كاملة بوضوح تام، والمطالبة بالإسراع في وتيرة المفاوضات، كما ان لبنان يعوّل على استمرار المساعي الاميركية لدعمه وحفظ حقوقه في ثروته النفطية.
إنّ لبنان يعتبر أنّ أي عمل خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الديبلوماسي غير مقبول، ويعرّضه لمخاطر هو في غنى عنها… من هنا تهيب الدولة بجميع الأطراف التحلي بروح المسؤولية الوطنية العالية والتزام ما سبق وأُعلن بأنّ الجميع من دون استثناء هم وراء الدولة في عملية التفاوض.
ولا شك بأنّ البيان كان أكثر من جيّد، ومشكور دولة الرئيس ووزير خارجيته على الصياغة الجميلة.. لكن دعاءنا وتمنياتنا أن تستجيب إيران لهذا البيان وتترك لبنان بسلام ولا تعرّضنا لحرب ليس بمقدورنا أن ندفع ثمنها، لا على الصعيد البشري ولا على الصعيد الاقتصادي لأنّ عهد التخريب والتدمير لم يترك شيئاً بخير في لبنان على جميع الأصعدة، خاصة وأننا كنا بلداً غنياً وشعباً غنياً فأصبحنا بفضل عهده وبفضل صهره الصغير بلداً فقيراً وشعباً فقيراً.
وأخيراً أقول: «ارحموا من في الارض… يرحمكم من في السماء».