كتب عوني الكعكي:
بلا لف وبلا دوران وبلا تصريحات دونكيشوتية وبلا «منقبل أو ما منقبل» العهد انتهى.
هناك قول شعبي مشهور: «خلّي شي لآخرتك». ويبدو أنّ هذا القول لم يسمع به فخامة الرئيس ميشال عون، لأنه لا يزال يكابر ويرفض أن تشكّل حكومة، إلاّ إذا كانت ترضي الصهر الصغير العزيز، ولا يزال فخامته يستعمل اللغة نفسها ألا وهي غير «ميثاقية» أو غير «دستورية».
المشكلة عندنا ان محور حياة فخامته يدور حول ما يقبله صهره أو يرفضه… باختصار… القرار عند الصهر.
الرئيس نجيب ميقاتي عانى الأمرين من تصرفات الصهر العزيز الصغير، الذي وكما أعلن دولته من منبر بكركي لم يرشح الصهر ولم يؤيد الرئيس ميقاتي لتشكيل حكومة. كما ان الصهر أيضاً رفض علناً تسميته هو ومعه كتلة التيار الوطني الحر التي تبلغ 18 نائباً، كذلك أعلن الصهر العزيز انه يرفض المشاركة في الحكومة، لكنه أصرّ على انه هو صاحب القرار بدلاً من فخامة الرئيس، من حيث قبول أسماء الوزراء والوزارات التي سَيُخْتارون لها.
فعلاً معادلة عجيبة غريبة… ليس لها مثيل في تاريخ لبنان. إذ ان هناك 5 ملايين لبناني مصيرهم معلق بقبول أو رفض صهر فخامة الرئيس.
وكي لا نظلم فخامته يجب أن نذكّره بأنّ تشكيل الحكومات منذ عام 2015 وحتى يومنا هذا يحتاج الى سنة كاملة في كل مرة، والسبب أن الصهر كما يقولون يعيّـن ويقيل و «يُشَقْلِب» أسماء الوزراء والوزارات كما يشاء ويمارس ألاعيبه على رئيس الحكومة… حتى يصل رئيس الحكومة الى حال من اليأس ويفضّل أن يعطيه ما يريد، لأنّ رئيس الحكومة يعلم جيداً ان هدر الوقت له ثمن، والثمن يعادل ملايين الدولارات.. لذلك وحرصاً على مصالح الشعب يضطر أن يتساهل من أجل ربح الوقت، ومن أجل مصلحة الوطن.
قد يتساءل الناس: لماذا يتساهل رئيس الحكومة ويقبل بطلبات غير «مقبولة» وغير منطقية؟ بكل صراحة لأنّ رئيس الحكومة يريد أن تتشكل حكومة ليخفف من الخسائر المالية على الشعب.
من ناحية ثانية فإنّ الحزب وللأسف الشديد «يقف على خاطر» فخامة الرئيس الذي يعتبره حليفه الأول، وحليفه الوحيد مسيحياً… وبما انه بحاجة الى تغطية لسلاحه فإنه بحاجة الى الحليف حماية لسلاحه، خاصة وأنّ المسيحيين في لبنان جميعهم باستثناء «التيار الوطني» (علماً ان لا وجود للتيار الوطني) بل يوجد شخص فخامة رئيس الجمهورية الرئيس ميشال عون، لأنه كما هو معروف ان القط يحب «خنّاقو» إذ للأسف فإنّ المسيحيين المحسوبين على فخامة الرئيس يؤيّد فخامته لعدة أسباب: أولاً للحصول على مواقع في الدولة أي «التوظيف». والثاني الوصول الى الندوة الانتخابية، وثالثاً لدخول الحكومة، ومشكلة اللبناني وبخاصة الأثرياء الجدد انهم مستعدون ان يدفعوا أموالاً طائلة للحصول على لقب «معالي الوزير».. وهنا أتذكر مسلسلاً أميركياً مشهوراً عرض على شاشات التلفزة لمدة سنوات اسمه Dynesty أي المال والشهرة، فالذي يملك المال بحاجة الى شهرة، والشهرة كما هي الحال بالنسبة لفخامة الرئيس يستغلها صهره العزيز لتعيين وزراء ونواب ومدراء عامين… ولكن طبعاً ضمن الفائدة المادية التي يمكن أن يحصل عليها… ولا أريد هنا أن أدخل في لعبة الأسماء حرصاً على أصدقاء دفعوا الملايين للحصول على لقب «معالي» الوزير أو سعادة «النائب».
نصيحة: مع علمي المسبق بأني غير مقرّب الى قلب فخامته، بالرغم من أني أحترمه وأقدّره… ولكني مصاب بخيبة أمل لأنني لم أكن أتصوّر يوماً أن يفعل رئيس جمهورية بشعبه وببلده كما فعل فخامته… أعود لأنصحه بأن ينهي عهده بالتي هي أحسن… وهو يعلم ماذا أعني…