أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الخميس، تخليه عن زعامة حزب المحافظين واستقالته من منصب رئيس الوزراء قائلاً “أنا حزين لترك أفضل وظيفة في العالم”.
وأعلن جونسون، 58 عاماً، في خطاب مباشر من أمام مقر رئاسة الحكومة في 10 داونينغ ستريت، أنه سيتنحى بعد سلسلة من الاستقالات التي قدمها أعضاء في الحكومة هذا الأسبوع احتجاجاً على قيادته، لكنه سيبقى كرئيس للوزراء حتى اختيار حزب المحافظين زعيماً جديداً في الخريف. وتأتي استقالة جونسون بعد ثلاث سنوات مضطربة في السلطة تميزت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأزمة كوفيد وفضائح أخلاقية.ووصف جونسون في بيان استقالته، الوضع الاقتصادي في البلاد بالصعب، معدّداً إنجازات حكومته من بريكست إلى مواجهة فيروس كورونا ومواجهة روسيا، وقال إن “الحكومة مستمرة في خدمة البريطانيين حتى تعيين رئيس جديد”.ومن المنتظر أن يجري حزب المحافظين انتخابات داخلية لاختيار رئيس جديد والذي سيصبح بعد ذلك رئيساً للوزراء.استقالات وفضائحوكان 59 وزيراً ونائباً قدموا استقالاتهم من الحكومة، من بينهم وزير الدولة لشؤون أيرلندا الشمالية براندون لويس، فضلاً عن وزيرة في الخزانة هيلين واتلي، ووزير الدولة لشؤون الأمن والحدود داميان هيندز. وكانت سلسلة الاستقالات بدأت مساء الثلاثاء مع إعلان وزيري الصحة ساجد جاويد والمالية ريشي سوناك استقالتيهما من دون إنذار مسبق، وتلاهما أعضاء في الحكومة يتولون مناصب أقل أهمية احتجاجاً على الفضائح التي تحيط بأداء رئيس الوزراء.وانتقد العشرات نزاهة جونسون علناً بعد أن اضطر للاعتذار على تعيين مشرع في دور يتعلق بانضباط الحزب، متغاضياً عن أن هذا السياسي كان محور شكاوى تتعلق بسوء سلوك جنسي. كما ضربت فضيحة الحفلات بقوة رأس الحكومة البريطانية حيث تكشفت حفلات أقامها في مكتبه ومقر إقامته في انتهاك صارخ لقوانين الإغلاق الصارمة المتعلقة بكوفيد-19 التي فرضت على مدى أشهر طويلة في البلاد سابقاً. كذلك تعرض حزبه لفضائح جنسية عدة، من تحرش أحد النواب المحافظين بقاصر، مروراً بمشاهدة آخر لأفلام إباحية خلال جلسات تشريعية، وصولاً حتى إلى الاغتصاب. مسيرة حكم قصيرةيشار إلى أن جونسون كان وصل إلى السلطة قبل نحو ثلاث سنوات، ووعد بتحقيق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإنقاذها من المشاحنات المريرة التي أعقبت الاستفتاء على خروجها من التكتل عام 2016. ومنذ ذلك الحين، دعم بعض المحافظين بحماس الصحافي السابق ورئيس بلدية لندن بينما أيده آخرون رغم وجود بعض التحفظات، لأنه كان قادراً على استمالة قطاعات من الناخبين الذين كانوا يرفضون حزبهم عادة.لكن نهج إدارة جونسون القتالي والفوضوي في الحكم في كثير من الأحيان وسلسلة من الفضائح استنفدت رضا العديد من نوابه، ودفعت العديد من المؤيدين للتخلي عنه. فقد أظهرت أحدث استطلاعات الرأي أنه لم يعد يحظى بشعبية لدى عامة الشعب.إصلاح الضرروتناولت افتتاحية “الغارديان” ما وصفته بإرث بوريس جونسون المخجل، وقالت إن عزله لا يكفي لإصلاح الضرر الذي لحق بديمقراطية بريطانيا، وإن هناك حاجة إلى تغيير شامل للنظام.واتهمت الصحيفة جونسون بأنه مخادع وكذاب وشرير، وأنه تجسيد للأكاذيب التي باعها الحزب الذي اختار أن يجعله زعيما للبلاد. وعلقت بأن استقالته ستنهي فترة كئيبة ومدمرة للديمقراطية بعد استنفاد قواعد اللياقة والكرامة الشفهية التي تهدف إلى الحماية من إساءة استخدام السلطة وتبين قصورها.واعتبرت الاستقالات التي قدمها العديد من الوزراء في الأيام الأخيرة تمثل خدمة مفيدة في تسريع رحيل جونسون، رغم أن عدم لياقته للمنصب لم يكن سراً على الإطلاق.وقالت إنه كان بإمكان كل من اتبع المسار الوظيفي السابق لجونسون أن يرى أنه كان ممهداً بالأكاذيب والخيانة، وكان الضرر الذي ألحقته شخصيته النرجسية بالبلد متوقعاً.ورأت أن خروجه لن يزيل العار الذي تتركه فترة ولايته للحزب الذي وضعه هناك. وأضافت أنه لو كان الضمير هو السبب في سيل الاستقالات الوزارية، لكان قد بدأ في وقت سابق، لأن الكثير ممن فقدوا الثقة في زعيمهم الأربعاء، كانوا على يقين من أنه لا يزال الرجل المناسب لشغل منصب رئيس الوزراء قبل أيام.