-خاص الهديل –
هناك أكثر من سيناريو حرب متوقع ان يحدث في المنطقة خلال الفترة المنظورة، ولكن بنفس الوقت، هناك استبعاد لنشوب هذه الحروب ..
الحرب الاولى المتوقعة، قوامها دخول تركيا إلى الأراضي السورية لإنشاء منطقة عازلة بعمق ٣٠ كلم ويعرض الحدود الطويلة بين تركيا وسورية.
وتقول أنقرة انها تريد انتزاع هذه المساحة من الأراضي السورية كي تأوي فيها نحو ٣ ملايين نازح سوري يقيمون في تركيا ..وفي حال نفذ الجيش التركي فعلا هذه الخطة ، ودخل إلى الأراضي سورية، فمن المتوقع ان تندلع حربا مع دمشق، وايضا مع قسد ( الأكراد ).
الحرب الثانية المتوقعة خلال هذا الصيف، تتصل بشن إسرائيل هجوما عسكريا لتعطيل ما تسميه مسار اقتراب ايران من امتلاك قنبلة نووية، وهو هدف تعلنه تل أبيب المرة تلو الأخرى.
هذه الحرب يشتد ريحها كلما تعطل التفاوض في فيينا، وكلما استأنفت طهران التخصيب النووي. وجديد تهديد إسرائيل بهذه الحرب ، يكمن في قولها ان ايران باتت على مسافة أشهر من التوصل إلى منسوب تخزين يمكنها من امتلاك قنبلة نووية، وأن إسرائيل ستمنع هذا الامر بالقوة مهما كلف الأمر !! .
الحرب الثالثة المتوقعة هي انزلاق الوضع المتوتر في غزة باتجاه اندلاع حرب بين حماس وإسرائيل ، وذلك لاسباب عدة، منها دخول ملف تبادل الأسرى بين تل أبيب وحماس في نفق مسدود ، ومنها ايضا امكانية عودة تسخين الوضع في القدس بين اهلها العرب والمستوطنين اليهود.
الحرب الرابعة المتوقعة هي بين حزب الله وإسرائيل، و السبب الأبرز لإمكانية حدوثها هو تطورات الموقف في “حقل كاريش” ذي الصلة بموضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل الذي يتوسط بشأنه اليوم المبعوث الاميركي أموس هوكشتاين.
كل واحد من هذه السيناريوهات قد يؤدي لانداع حرب شرسة وخطرة، ولكن يلاحظ أن هذه الساحات الساخنة يوجد بمواجهتها سياسات قوية لإطفاء نيرانها، وابقائها في حالة توتر من دون تحولها إلى حروب فعلية.
ففي موضوع التهديد التركي بدخول الأراضي السورية، يوجد مبادرة توسط ايرانية بين أنقرة ودمشق لتخفيض التوتر بين الطرفين ، ولإبقاء الخلاف في إطاره السياسي .. ورغم لهجة أنقرة العالية ضد نظام الأسد، ورد دمشق الصاخب ضد اردوغان، إلا أن الطرفين يستجيبان عمليا لتوسط طهران الهادف لخفض التصعيد؛ وإنشاء علاقات أمنية تحت الطاولة لاحتواء الخطر الكردي الذي يشكل قاسما مشتركا بين دمشق وطهران وانقرة.
وفي غزة ولبنان ، يوجد دور قطري – مصري – فرنسي صامت احيانا ومسموع احيانا اخرى، لفرملة التصعيد وابقائه في حالة ما دون الحرب.
والواقع أن الوصفة الأميركية تجاه غزة هي تقديم “الجزرة الاقتصادية للغزاويين” ( مساعدات وهبات) كتشجيع لهم على وقف التصعيد، وسحبها منهم كعقاب لهم على التمادي في التصعيد. وبهذا المعنى فان العصا الاقتصادية هي البديل عن المدفع في سيناريو أحداث غزة ، والحرب الاقتصادية هي البديل عن الحرب العسكرية.
ونفس سيناريو استبدال الحرب العسكرية بالحرب الاقتصادية السائد في غزة يعيشه لبنان المعلق على صليب انهياره الاقتصادي وحاجته لاصلاحات ممنوعة التحقق بفعل الفساد السياسي، وبفعل واقع لبنان الداخلي المتصادم مع الخارج.
وبالخلاصة يتبين أن الحروب ممنوعة في المنطقة، بمقابل ان الحلول الكبرى مؤجلة ، فيما عدم الاستقرار واستمرار تردي الوضع الاقتصادي هو الثمن الذي تدفعه دول وساحات في المنطقة، تقف من جهة على حافة الحرب ممنوعة الوقوع، ومن جهة ثانية تقيم داخل نفق الانهيار المتعدد المستويات الذي لا قاع له.