كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
هل يكفي أن يكون الرئيس الأميركي جو بايدن أوّل رئيس يحلّق من إسرائيل إلى مدينة جدّة في السعودية، لنتحدّث عن زيارة شرق أوسطيّة ناجحة له، وخالية من أي مفاجأة قد تصادفه في الرياض، وتُعيده “منبوذاً”، الى واشنطن؟ وهل يكفي الحديث عن تطوير تدريجي للخطوات “التطبيعية” بين إسرائيل والعالم العربي، لنقول إن زيارة بايدن ستكون ناجحة بالفعل؟
أكثرية ساحقة من المُطَّلعين على تفاصيل زيارة بايدن الشرق أوسطيّة، يؤكّدون حتى الساعة، أن أي رئيس أميركي لا يزور ليفشل، وأن زياراته تُحضَّر مُسبقاً، وسلفاً، بما يمنع أي إخفاق جوهري فيها، مع ترك الهوامش لبعض التفاصيل التكتيكية ربما.
ولكن هل يشكّل “الحجّ القديروفي” في السعودية هذا العام، رسالة سياسية مُسبَقَة لبايدن، تحدّثه عن شعور روسيّ بالأمن والأمان وبالتنسيق العميق مع السعوديّين، و(تحدّثه) عن “واقع مُختلف” عن الماضي، سيلمسه الرئيس الأميركي في الخليج بعد أيام، وإشارة الى مفاجآت غير متوقَّعَة ربما، ستكون غير سارّة له هناك؟
ففي عزّ الحرب الروسيّة على أوكرانيا، وهي حرب عالمية يشكّل الرئيس الشيشاني رمضان قديروف أحد أهمّ أذرع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيها، بما قد يجعله (قديروف) هدفاً مُحتملاً لأي عمليّة أمنية في أي وقت، يشاهد العالم قديروف في السعودية لأداء مناسك الحج، في خطوة وجدتها بعض الأوساط أقرب الى رسالة سياسية مُوجَّهَة الى الأميركيّين، قُبَيْل زيارة بايدن، نظراً الى ما تتطلّبه حركة قديروف من عمل وتنسيق أمني واستخباراتي مع روسيا، في الوقت الرّاهن، وذلك الى جانب أن تنقّلاته (الرئيس الشيشاني) في كل مكان تتّصف بـ”طعم استخباراتي” كبير، في العادة، لكونه “حَمَل” بوتين “الوديع”، و”المنفّذ الأمين” لكلّ المهام التي يوكله بها.
وبالتالي، الى أي مدى يشكّل حجّ قديروف في السعودية، خطوة سياسية؟ وماذا عن استخدام بعض الضّيوف، على بعض وسائل الإعلام الإقليمية، تعابير من مثل “وصول فخامته (قديروف) الى السعودية لأداء مناسك الحجّ”؟ وماذا عن استقباله (قديروف) استقبالاً رسميّاً في جدة، من جانب عدد من المسؤولين هناك؟ وإلى أي مدى تؤكّد حركة قديروف المُعلَنَة في السعودية، احتمالات “تعثّر بايدن” في الخليج، بعد أيام؟
أكد مصدر واسع الاطلاع أنه “صحيح أن الزيارات الخارجية لأي رئيس أميركي تكون مُحضَّرَة جيّداً، ولكن هذا لا يجعل منها شكليّة، أو من دون مشاكل مُحتَمَلَة”.
وفي حديث لوكالة “أخبار اليوم”، توقّع “عَدَم حصول مشاكل “تنبت” فجأة، خلال زيارة بايدن السعودية، إذ يبدو أن كل الأمور محلولة. وهو (بايدن) ما كان ليقوم بها، لو كانت ستشكّل فرصة لتعميق التباينات والخلافات بين الطرفَيْن”.
وشدّد المصدر على “التحالف الأميركي – السعودي، وعلى أن الولايات المتحدة الأميركية والسعودية لا تخرجان من بعضهما، لأنهما بحاجة الى بعضهما البعض، بقوّة. ولكنهما تمرّان بحقبات من البرودة في العلاقات أحياناً، من دون انقطاع فيها”.
وأضاف: “العلاقات السعودية – الروسية موجودة، وقديمة. ولن يقول السعوديون “لا” لحجّ قديروف في السعودية، رغم الحرب الروسيّة على أوكرانيا، والخلافات الأميركية – الروسيّة في هذا الإطار، نظراً للعلاقات الجيّدة بين موسكو والرياض. قد يستعمل الطرف السعودي تلك النّقطة في مناوراته السياسيّة مع واشنطن، الى حدّ ما، وهذا من حقّه. ولكن ذلك ليس إشارة الى تخلٍّ سعودي عن الحلف مع الولايات المتحدة الأميركية”.
وأشار المصدر الى أن “الهدف الأساسي للأميركيين من خلال زيارة بايدن، هو العودة الى المنطقة، وتأكيد التحالف مع دول الخليج، وزيادة إنتاج النفط والغاز في المنطقة، ليحلّا مكان مصادر الطاقة الروسية الى أوروبا”.
وختم: “العلاقات الصينية – الخليجية، والروسية – الخليجية، لن تؤثّر على العلاقات الأساسية القائمة بين الأميركيين ودول الخليج عموماً، وبينهم وبين السعودية، خصوصاً”.