الهديل

لماذا نجح السريلانكيون في اقتحام القصور.. وأخفق اللبنانيّون؟

كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”: 

هل أن اللبنانيين “شعب ما خرجو شي”، أو ربما “شعب ما جاع منيح بَعْد”، لنجد هذا الفارق في النتائج بين التحرّكات الاحتجاجية، في كلّ من لبنان وسريلانكا؟

فبمعزل عن لغز “ضريبة الواتساب” التي أشعلت انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، بينما تعجز وقائع الفقر والمرض والجوع، لدى شرائح لبنانية واسعة، عن إقفال “زاروب” واحد اليوم، يبدو مُبهراً جدّاً واقع عَدَم القدرة على إحداث أي فارق على المستوى اللبناني حالياً، في الوقت الذي حوّل فيه الإفلاس السريلانكي الشّبيه بذاك اللبناني، على مستويات عدّة، مقرّ رئاسة الرئيس السريلانكي جوتابايا راجاباكسا الى موقع للمحتجّين الذين استولوا عليه قبل أيام، متعهّدين بعَدَم تركه إذا لم يرحل نظام الحكم الحالي.

جانب سياسي

طبعاً، نحن لا ننكر الجانب السياسي الكامن خلف كل الانتفاضات حول العالم، بوجهَيْها السّلمي والمسلَّح. ولكن لماذا تعجز كل الخلفيات، عن إنجاح أي انتفاضة لبنانية، وعن تمكينها من تحقيق أهدافها؟
ففي العصر الحديث، أخفق اللبنانيون بتحطيم رموز الاحتلال السوري في البلد كلياً، وذلك رغم أنهم ثاروا، و”مسحوا الأرض” بكلّ هؤلاء، بين شباط وآذار عام 2005. كما أخفق اللبنانيون في خريف عام 2019، بتحطيم رموز الفساد، والسرقة، في البلد كلياً، رغم استعمال الحريات بكثرة، على مستوى التعبير عن أسباب النّزول الى الشارع.

لماذا؟

الجوانب السياسية موجودة في سريلانكا أيضاً، وإلا ما كنّا لنشاهد بعض ما يتمّ تناقله عن عمليات شواء وطبخ، أقامها محتجّون في منزل الرئيس السريلانكي، “الهارب” من غضب الناس.
فمن المفترض أن الشعب فقير هناك، ولا يجد ما يأكله، فكيف تحوّل الى الشّواء والطبخ في قدور ضخمة، داخل القصر الرئاسي، لولا توفّر بعض الدعم السياسي على الأقلّ؟ وهو ما رأيناه في لبنان أيضاً، في خريف عام 2019، على صعيد توزيع الأطعمة على اللبنانيين “النّاقمين” من جراء زيادة الأسعار، والفقر، والجوع.
ولكن لماذا نجح السريلانكيون في اقتحام القصور، والحصون، والمنازل، والمقرّات، فيما أُوقِفَ اللبنانيون على ضفاف هذا النّوع من الخطوات؟

هدف وحيد

رأى النائب السابق محمد الحجار أن “مشكلة الانتفاضة في لبنان، كانت غياب البرنامج، وحصرها بشعارات غير مُنظَّمَة، وعاجزة عن الوصول الى هدف”.
وشدّد في حديث لوكالة “أخبار اليوم” على أن “الأكثرية الساحقة من اللبنانيين شعرت بأنها معنيّة بالانتفاضة. ولكن دخلت بعض الأيادي فيها، فصوّرت الأمور على غير حقيقتها، وعلى غير ما كان يجب أن تكون عليه، الى درجة أن استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري تحوّلت الى ما يُشبه الهدف الوحيد للتحرّكات آنذاك”.

مجموعات

أشار الحجار إلى أن “الرئيس الحريري كان أول من استجاب للناس، وللانتفاضة، فقدّم استقالة حكومته، ووضع دفتر شروط لما يجب أن تكون عليه الحكومات في ما بعد، لتتمكّن من تنفيذ الإصلاحات المطلوبة التي يريدها اللبنانيون. ولكنّنا رأينا كيف انتهت كل التحرّكات والمطالبات، لمجرّد أن أخرج الرئيس الحريري نفسه من الساحة الحكومية”.
وأضاف: “ساهم تفشّي جائحة كوفيد – 19 بالتأثير على الانتفاضة، من دون أدنى شك. ولكنّنا لم نشعر بأن لدى الثورة قيادة، بل رأيناها مثل مجموعات مُتناحِرَة ومُتنافِسَة في ما بينها، جعلت الأوضاع تستمرّ على ما هي عليه، ومن دون أي تغيير”.

تدخّلات خارجية

رأى الحجار أن “الشعب اللبناني قد ينجح دائماً في إيجاد المخارج له، من الأوضاع التي هو فيها. ولا شكّ في أن المغتربين في الخارج يشكّلون عاملاً إيجابياً، لكونهم يرسلون ما تصل قيمته الى نحو 6 أو 7 مليارات دولار سنوياً، إلى لبنانيّي الداخل. ولكن لا يمكن الرّكون الى ذلك، ولا القول إنه يكفي، لأن الاستمرار بعَدَم تطبيق الإصلاحات المطلوبة، يعني أن الأمور ستتّجه إلى ما هو أسوأ، وإلى متاهات خطيرة”.

وختم: “اتّفاق “الطائف” لا يزال موجوداً، وهو قائم بذاته وقادر على أن يخدم البلد، وعلى أن يُخرجه من مشاكله، مع وضعه على سكة الاستدامة. ولكن مع الأسف، التدخّلات الخارجية، وقبول البعض بأن يستخدمه الخارج، في هذا الاتّجاه أو ذاك، لتحقيق مصلحة خارجية لا وطنية، تُبقي أوضاع لبنان على ما هي عليه”.

Exit mobile version