وسط أزمة الخبز المتفاقمة يوماً بعد يوم، وفي ظلّ غياب أي أفقٍ واضح لإنهاء ظاهرة “استجداء” المواطن للرغيف، كشفت معلومات جديدة عن قيام مجموعة منظمة ببيع كميات مفتوحة من الخبز للمواطنين الذين لا يرغبون في الانتظار بالطوابير، وذلك بأسعارٍ تفوق السعر الذي يُحدّده الفرن لربطة الخبز بـ3 أضعاف.
تشيرُ المعلومات إلى أنّ عصابة مؤلفة من شبانٍ سوريين اتفقوا مع موظفين من الجنسية السورية داخل عدد من أفران طرابلس، وذلك من أجل الحصول على كميات هائلة من ربطات الخبز عند ساعات الصباح الأولى من كلّ يوم. وبعد ذلك، يتم بيع تلك الربطات للمواطنين المنتظرين أمام الأفران.
ما يحصلُ على هذا الصعيد يكشف عن نشاطٍ متزايد للسوق السوداء المُرتبطة بالخبز، وقد أشارت المصادر إلى أنّ حصول تلك العصابة على الخبز تمّ من أفرانٍ معروفة في مناطق باب الرمل، الزاهرية، باب الحديد، بالإضافة لمنطقة العبدة.
تقول المعلومات أيضاً أن عمل تلك العصابة تطوّر مع الأيام، فبات أفرادها يتلقون الطلبات عبر الهاتف ليقوموا عقب ذلك بإرسال أي كمية من ربطات الخبز المعدّة للاستهلاك اليومي وليس التجاري، وذلك بسعر يزيد 3 مرات عن السعر الرسمي
العملية هذه ساهمت في تحصيل أفراد تلك العصابة أرباحاً خيالية، في حين أن المبالغ التي يجنوها يجري تقاسمها مع الموظفين داخل الأفران من أجل تمرير عملية تسليم الخبز بشكل مستمر، والتحّكم بالسوق.
في الواقع، فإنّ هذا المشهد يتكرّر في مناطق أخرى، وقد تحدّث عنه النائب جميل السيد أواخر الشهر الماضي، إذ قال عبر “تويتر”: “وردتني عشرات الاتصالات من أمّهات في البقاع للشكوى من أمرين: أولاً: صعوبة شراء الخبز لأن بعض الافران تبيعه لبعض النازحين للسوق السوداء أو للتهريب الى سوريا، وثانياً: الإنقطاع الكلي للكهرباء! تواصلنا مع المسؤولين وكلّهم يدّعون العجز! عالجوا هذا الوضع قبل ان يتحوّل إلى مشكلة أمنية”.
وكان “لبنان24” ذكر في تقرير سابق عن وجود إقبالٍ كثيف لحشودٍ كبيرة من النازحين السوريين على الأفران المركزيّة على طريق السّاحل بين بيروت والجنوب.
وبحسب التقرير، فقد تبيّن أن هناك حافلات صغيرة أقلّت عدداً من النازحين إلى تلك الأفران بغية شراء الخُبز، وما انكشف هو أن عائلاتٍ بكامل أفرادها توافدت إلى تلك الأفران للحصول على الخبز، علماً أنه لا يتم تسليم الشخص سوى ربطة واحدة.
وبذلك، فإنّ العائلة الواحدة من هؤلاء النازحين قد تحصل على أكثر من 6 ربطات من الخبز. وإضافة إلى ذلك، فإن الأعداد الكثيفة لهؤلاء سبّبت ازدحاماً كثيفاً أمام أبواب الأفران.
يُشار إلى أنه أواخر الشهر الماضي، كشف وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار أنّ “لبنان يدعم النازحين السوريين بـ9 مليون دولار شهرياً كثمن للخبز، فضلاً عن خدمة الكهرباء والمياه التي كانوا يحصل عليها النازحون مجاناً.
أما وزير الاقتصاد أمين سلام فقال في حديث صحفي قبل أيام قليلة إنّ “اللاجئين السوريين في لبنان يستهلكون نحو 400 ألف ربطة خبز يومياً، أي بمعدل 40% أو 50% من القمح الذي يدخل إلى لبنان”.
وحالياً، فقد تبيّن أن القوى الأمنية رصدت العصابات الناشطة على خطّ السوق السوداء للخبز، وذلك بعد ورود معطيات إليها عن أنشطة غير مشروعة على هذا الصعيد.
وقد يكونُ انتشار القوى الأمنية أمام الأفران إحدى الدلالات التي تشيرُ إلى وضع حدّ لسرقة الخبز من قبل تُجار السوق السوداء، وبالتالي منع التهريب ووقف استغلال المواطنين.