الهديل

مخطّط القضاء على القطاع المصرفي اللبناني

 

 

كتب عوني الكعكي:

مخطّط القضاء على القطاع المصرفي اللبناني يمكن أن نقول إنه «قديم».. إذ يرتبط بتاريخ قرار اتخذ في المجلس النيابي باعتماد السرّية المصرفية، يومها اعتبرت إسرائيل أنّ لبنان يمكن أن ينافسها على الصعيد المالي حيث سيكون لبنان «القجة» للعالم العربي، خاصة وأنّ النظام اللبناني نظام ديموقراطي حرّ، والحرية التي يتمتع بها القطاع المصرفي عالية جداً.. وهكذا نما هذا القطاع بشكل كبير، حيث أصبح من أهم القطاعات المنتجة في الدولة.. بالاضافة الى ان عدداً كبيراً من العرب وخاصة بعد «فورة» النفط وضعوا ودائعهم في البنوك.

ولكن ما حصل لم يكن في الحسبان أبداً، ولا يمكن لأي عقل أن يتقبّله خاصة وأنّ ملاءة هذا القطاع كانت جيدة، ولكن الثغرة الكبرى كانت في أنّ الدولة كانت تستدين من البنوك بدون حساب، وكانت البنوك مضطرة لتلبية طلب الحكومة، وبالمقابل فإنّ حاكم مصرف لبنان كان يعلم ويحذّر بشكل دائم من خطورة الديون ولكن لا أحد يسمع.

لذلك، فإنّ ما قاله الوزير السابق للاتصالات محمد شقير، من أن حكومة سعد الحريري «طارت» لأنّ رئيسها رفض أن يتخلف عن دفع اليورو بوند، وأنّ حسان دياب أتى بهدف التخلف عن دفع ما يتوجب على لبنان، وهذا يعني إفلاس البلد… كل هذا لم يكن مفاجئاً للكثير من الاقتصاديين ورجال الأعمال وأصحاب البنوك.

قال لي مصرفي كبير، إنه زار رئيس الحكومة السابق حسان دياب الذي وعده بأنه لن يقدم على التمنّع عن دفع سندات اليورو بوند بعدما شرح له مخاطر عدم الدفع، وماذا سيحل بالقطاع المصرفي في حال التخلف عن الدفع، وكيف انه سيقطع الصلة بالعالم، وبالرغم من ذلك كان هناك قوى أقوى من أن يستجيب رئيس الحكومة لوعده، وهي طبعاً عندها مخطط لوضع اليد على القطاع المصرفي بالكامل، هذا أولاً.

ثانياً: شراء كامل القطاع الذي تقدّر موجوداته مع الودائع بأكثر من 200 مليار دولار بعدما كانت 4 مليارات عام 1993 وبفضل وإدارة الحاكم الاستاذ رياض سلامة وصلت الى 200 مليار.

تلك المجموعة التي كانت وراء التمنّع عن تسديد أقساط اليورو بوند، كانت تريد إلغاء البنوك الموجودة والبالغ عددها 60 بنكاً، وأن تنشئ 5 بنوك جديدة برأسمال 5 مليارات، بمعنى أدق أنّ هذه المجموعة من العباقرة تريد أن تشتري 200 مليار بـ5 مليارات.

ثالثاً: من هم هؤلاء؟ لن أذكر أسماءهم إلاّ في الوقت المناسب.. ولكن سوف أصنّفهم: منهم سياسيون ومنهم رجال أعمال ومنهم مسؤولون ماليون سابقون ومنهم رجل أعمال في الخارج يعيش بين باريس ولندن وعلى علاقة بسياسيين، كل هذا لتحقيق هدفين أولاً المال وثانياً السلطة.

رابعاً: بالعودة الى التمنّع عن سداد اليورو بوند تبيّـن أنّ هناك عدداً من رجال الأعمال ومعهم بعض السياسيين وبعض رجال المال اشتروا كميّات من سندات اليورو بوند، وقاموا بوضع تأمين على السندات، في حال وبعد فترة تدنّى سعر السند فإنّ شركات التأمين ستعوّض على المؤمّنين لديها، وهكذا يمكن أن تحقق مليارات من الدولارات بهذه العملية، وهناك لجنة مالية تقوم بالتحقيق في سندات اليوروبوند، يمكنها ان تفضح كل العملية التي كما وصفها رجل اقتصادي ومالي كبير بأكبر عملية نصب وسفالة بحق الشعب اللبناني على الصعيدين المالي والسياسي والأهم على مستقبل اللبنانيين.

خامساً: إنّ ما يقوم به وما قام به حاكم مصرف لبنان هو محاولة إعطاء فرص للإبقاء على القطاع المصرفي ريثما تستقيم الأمور سياسياً.. لأنّ المشكلة الحقيقية في لبنان هي سياسية. وعلى سبيل المثال كيف يمكن لبلد كلما استقالت حكومة ننتظر سنة كاملة لتشكيل حكومة جديدة؟ هذا أولاً.

ثانياً: عند انتخاب الرئيس ميشال سليمان طال الانتظار سنة ونصف السنة، وعند انتخاب ميشال عون تجاوزت المدة سنتين ونصف السنة.

ثالثاً: ماذا عن حروب إسرائيل في 1994 والأهم عام 2006 وتكبيد لبنان خسائر بـ15 مليار دولار في البنية التحتية… من دفع ثمنها؟ أليْس الشعب اللبناني وهذا يعني الدولة اللبنانية؟

رابعاً: فشل الحكم في إدارة أهم مرفق في الدول ألا وهو قطاع الكهرباء الذي كلف الدولة خسائر بسبب سوء الادارة، وطبعاً معروف ان جماعة فخامته هم المسؤولون. الكلفة بلغت 65 مليار دولار كخسائر منذ عام 2005 ويكفي ان عمليتين او فرصتين لم تستغلا: الاولى العرض من الصندوق الكويتي والثانية عرض «سيمنس».

وبالعودة الى رفض الرئيس الحريري تلبية طلب التمنّع عن سداد اليورو بوند والأهم ان الرئيس الحريري في «باريس 3» استطاع أن يحقق تعهداً من المؤتمر بدفع 11 مليار دولار مشاريع تقوم الشركات بتنفيذها… وهنا يأتي السؤال: من عرقل هذا المشروع؟

Exit mobile version