كتب صلاح سلام في “اللواء”:
هدنة العيد إنتهت، وتفاعلات الأزمة الحكومية لم تنتهِ، ولن تنتهي قبل إنتهاء ما تبقَّى من أشهر الولاية العونية.
المعاندة بين بعبدا والسراي بدأت تخرج عن إطارها السياسي المعهود، لتتحول شيئاً فشيئاً إلى مكاسرة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، في ظل إصرار كل طرف على موقفه، في تركيبة الحكومة العتيدة.
لم تعد مسألة البحث في التشكيلة الأنسب للحد من الإنحدارات المستمرة، بقدر ما أصبحت مشكلة فريق سياسي يريد أن يفرض على اللبنانيين خياراته السياسية والوزارية، متمسكاً بوزارة الطاقة التي إنهارت الكهرباء بين أيدي وزرائه، وأوصلوا البلد إلـى العتمة الكاملة، في سابقة لم يعرفها وطن الأرز منذ دخل عصر الكهرباء والنور.
الخلاف في وجهات النظر بين الرئيسين، سرعان ما تحول إلى شبه مقاطعة، حيث تباعدت مواعيد اللقاءات بينهما، وبدأ التراشق العلني بين الرئيس المكلف، وفريق رئيس الجمهورية بإتهامات العرقلة والتعطيل يزيد الأمور تعقيداً، ويرجح كفة المراهنين على بقاء حكومة تصريف الأعمال حتى إنتهاء ولاية العهد.
لقد إعتادت أطراف المنظومة السياسية على إنتهاج سياسات التعطيل والتسويف والمماطلة في تشكيل الحكومات أشهراً مديدة، في لعبة الكباش التي تتكرر عند تأليف كل حكومة، وتوزيع الحقائب الوزارية، بين سيادية وخدماتية، وبين وزارات رئيسية وأخرى عادية، إلى أن يأتي الوحي من الخارج، أو تركب الصفقات الداخلية، التي تُمهد للولادة الحكومية.
ولكن تردي الأوضاع المالية والإقتصادية والإجتماعية، وحالة الإفلاس المتفاقمة، وما يُحيط بها من عوامل أخرى، لا تسمح بمثل هذه المناورات التقليدية، وتعطيل سلطة القرار أشهراً حرجة، وبقاء البلد ليس في حالة مراوحة وحسب، بل إبقاء مهاوي الإنحدارات مفتوحة على أسوأ الإحتمالات.
ومع ذلك، لا يشعر المسؤولون بأي حرج في المزيد من الإنهيارات، والتمديد للعتمة، وإشتداد أزمة الرغيف، ورفع سقوف إرتفاع الدولار إلى أرقام قياسية جديدة!
فهل حكامنا من صنف البشر.. أم هم من أصناف أخرى؟