-خاص الهديل –
يوم أمس هدد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله إسرائيل بشن حرب ضدها على خلفية ما يحدث في كاريش، وقال إن الحرب أشرف من الموت جوعا، ولفت إلى شهر أيلول بأنه السقف الزمني لانذاره.
وبنفس الوقت تقريبا كان الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث من إسرائيل التي وصلها للتو، و يهدد من هناك طهران بأنه سيمنعها بالقوة من امتلاك القنبلة النووية، ولفت بايدن إلى ان ايران صارت على مسافة قريبة من امتلاكها؛ وهو بذلك يحدد سقف زمني منخفض لتنفيذ تهديده بالحرب على ايران فيما لو استمرت برفع منسوب التخصيب. .
والواقع أن المشهدين من بيروت ومن تل أبيب، يشكلان جملة سياسية واحدة مفيدة فيما لو تم جمعهما فوق سطر واحد : بايدن يهدد ايران من إسرائيل ؛ وطهران تهدد إسرائيل من حارة حريك . ولكن ضمن لهجة التهديد المرتفعة تتدلى حبال النزول عن شجرة الحرب التي لا يريدها بايدن ولا الرئيس الايراني رئيسي ولا يائير ولا نصر الله ، حيث يقول بايدن ان ايران مع اتفاق نووي افضل من ايران مع قنبلة نووية ؛ فيما يقول نصر الله أن لبنان بين حرب مع إسرائيل او الموت جوعا ، فالحرب أشرف..
اللعبة كما تتمظهر خلال هذا الاسبوع في المنطقة ، هي بالطبع أكبر من لبنان ومن كاريش؛ فهي لعبة إرادات دولية تتبادل فيما بينها “لكمات جس النبض” فوق حلبة الشرق الأوسط. فبمقابل ان بايدن يجمع العرب الأغنياء والذين لهم وزن اقليمي إضافة الى إسرائيل تحت جناحه ، فإن بوتين يحاول جمع الاقليميين الكبار ( ايران وتركيا) حول طاولة حوار مشترك معه عنوانها المباشر سوريا ، وتحديدا شمال سوريا ، ولكن أفاقها ، هو مجمل الوضع الدولي المستجد .
غير أن الواقع هو أنه لا المجتمعين مع بايدن في المنطقة يستطيعون تحمل كل مطالب بايدن منهم، ولا الاقليميين الكبار المجتمعين مع بوتين ( الايراني والتركي) لديهم نفس مصالح وخيارات موسكو.
.. ولكن طالما أن العالم في أزمة حادة، فإن الجميع يفكر كيف يستفيد منها، وكيف يقلل خسائره بسبب تطوراتها التي هناك خشية من أن تتحول اكثر فاكثر الى تطورات مجنونة.
طبعاً الحرب التي تحدث عنها نصر الله ضد إسرائيل ” لتحرير غاز لبنان ” ، والحرب التي تحدث عنها بايدن ضد طهران ” لتحرير العالم وبخاصة إسرائيل والعرب من القنبلة النووية الإيرانية” ، لا يمكن النظر إليهما الا من باب أنهما يستخدمان رفع لهجة التهديد بالحرب للحصول على ” تسوية ما” او “هدنة ما” او ” اي شيئ اخر” غير الحرب التي تقول التجربة الأوكرانية المستمرة ان خيارها ( اي الحرب) هو بمثابة مشروع معالجة الخراب بالخراب، وهو مشروع لا يقدم حلولا، ولكن يزيد من المعاناة. ولعل نصر الله عن قصد أو بشكل عابر ، كان دقيقا حينما قال ما معناه ان خراب الحرب أشرف من خراب الجوع .. وهذا الوصف صحيح، من ناحية ان الحرب – كما تقدم اوكرانيا أحدث تعريف عنها – هي مداواة الخراب بخراب أكبر.. ولكن ولو بين اعتراضيتين يمكن القول هنا أن خراب الحرب هو أشد ايلاما من خراب الجوع ، إضافة ان لبنان يستطيع ان يجد طريقا اسهل من الحرب للخروج من ازمة الجوع ، وهو الإصلاح الداخلي ، وهذا مفتاح متوفر داخليا، غير أنه يتم تجاهله وحتى الهروب منه ، وذلك لاسباب غير معروفة ومستهجنة، ومع ذلك فهي أسباب تحكم البلد وتتحكم به.