الهديل

امتحانات “البريفيه”… أنغام “الكفيفة” تفوّقت بنور عينيها

 

“في البداية عاشت أنغام أقصى درجات الكآبة، لكنّها أصرّت على إكمال تعليمها وهدفها أن تصبح محاميّة في المستقبل”، تقول أحلام شقيقة المتفوّقة بدرجة جيّد جدًّا في إمتحانات “البريفيه” أنغام الناظر.

بدأت قصة الأمل منذ أربع سنوات من رحم المعاناة حين فقدت أنغام إبنة الـ16 سنة بصرها بسبب بقايا بارود أصابت عينيها.

بإرادتها ودعم العائلة والمدرسة المتواصل، حاربت أنغام كل المصاعب التي واجهتها. التغاضي عن كلام الناس كان أصعب من فقدان حاسّة البصر، “حرام راحت عليها، رح تضل كل حياتها بالبيت…”.

لشقيقة أنغام دور أساسي حين كرّست وقتها للمساعدة في تحقيق الحلم. “كنت أسجّل لها الدروس كافة التي يجب أن تحفظها، وأمسك بيدها في كل عمليّة حسابيّة تقوم بها”. آمنت عائلة أنغام بها وكانت متأكدة من نجاحها، إلّا أن معدّلها العالي كان مفاجئًا لهم. إلى جانب العائلة، لعب أصدقاؤها دورًا أساسيًا من خلال مساندتها.

في السنوات الأربع الماضية، حصل تغيّر كبير في تفاصيل حياة أنغام كافة. لم يعد باستطاعتها أن تكون مثل أصدقائها الذين كبرت معهم، وهنا يكمن التحدّي الأكبر. في فترة وجيزة تمكّنت من تعلّم لغة المكفوفين لتتكيّف، هي ومن حولها، بنمط الحياة الجديد. تقول شقيقتها: “في أول أيام الحادثة كان المنزل يتحوّل إلى مجلس بكاء حين تصطدم أنغام بإحدى الأدوات الملقيّة على الأرض”. بعد فترة، اعتادت على الحركة بسهولة واليوم باتت متمكّنة من الذهاب أينما تريد.

تتحدّث مديرة تكميلية القبيّات الرسميّة رُولا زيتونة عن فرحتها بنتيجة أنغام معتبرة أن ما مرّت به ليس سهلًا أبدًا. “حزنّا جميعًا بسبب الحادثة التي أصابت أنغام، لكنّنا قرّرنا أن نكون عائلتها الثانية هنا، وأن نبذل أقصى جهدنا لكي لا تتوقّف عن مشوارها الأكاديمي”. خضع معلّمو أنغام لدورات من قِبَل بعض الجمعيّات المتخصّصة بتعليم المكفوفين، لكي لا يقصّروا بإيصال أيّ معلومة لها. كانت إرادة أنغام مصدر أمل للهيئة التعليميّة التي تمر بأقسى ظروف معيشيّة. ولو لم يعتبروا مساعدتها من واجبهم لكانوا طلبوا من أهلها نقلها إلى مدرسة متخصّصة في كل مسابقة شهريّة، كان الأساتذة يمسكون بيد أنغام في كل كلمة تكتبها في الإمتحان، لكي لا تشعر أنها مختلفة عن أصدقائها. في صفوف الكيمياء مثلًا، اشترينا مجسّمات على أشكال الجزيئات (Molecules) لكي تتمكّن أنغام من التعرّف على أشكالها”. تبادل أصدقاؤها الأدوار، فكان كل واحد منهم يكتب على دفاتر أنغام لتدرس في المنزل، وأصرّوا على المتابعة مع أهلها في التفاصيل الدراسيّة كافة.

تتمنى المديرة الحريصة على مصلحة طلّابها أن تُعامل أنغام بنفس الطريقة في المرحلة الثانوية والجامعية، وهي متأكدة أنّ مستقبلًا باهرًا بانتظارها. وتعتبر أنّ العلم أكبر بكثير من مجرّد معلومات تُدرّس للطلّاب، بل رسالة إنسانيّة بالدّرجة الأولى.

منذ فترة، وهب طبيب أنغام باقة أمل لها وعائلتها. فالشابّة المثابرة قد تتمكّن من رؤية الحياة مجدّدًا في حال إجراء عمليّة لعينيها في الخارج عند بلوغها سن الـ18. في كل فترة نصادف قصّة مماثلة، تذكّرنا بجماليّة هذه الحياة التي تستحق بعض الأمل. على الجهات الرسميّة الإهتمام بذوي الهمم العالية، وألّا يكونوا عرضة للتهميش في بلدٍ يُفرّط بأبسط حقوق أبنائه

Exit mobile version