الهديل

لماذا لا تكون حكومة حرب؟

كتب طوني فرنسيس في “نداء الوطن”:

الحرب خلال شهرين ستكون ممكنة وربما حتمية، ولكن ليس بين لبنان بوصفه جمهورية مستقلة عضواً في الجامعة العربية والأمم المتحدة وبين الدولة العبرية التي يخوض معها مفاوضات تتوسط فيها أميركا وترعاها الأمم المتحدة، وفي التفاوض وله شروط وأخذْ وردّ ووثائق ومرجعيات تبدأ بالقانون الدولي ولا تنتهي بمحاكمه وتحكيمه. ستندلع هذه الحرب إن اندلعت بين اسرائيل وايران، فهما الطرفان اللذان يتحدثان عنها ويلهجان بها، ولبنان يظهر في الصورة العامة كأحد أعراضها الجانبية المؤلمة. الطرفان يقولان بهذا الاحتمال منذ سنوات طويلة. ايران تبني وتدعّم ايديولوجيتها بشعارات تحرير القدس وتدمير إسرائيل في دقائق، الأولوية في خطابها للقضاء على «الكيان» وهي إذا تحدثت ديبلوماسياً عرضت استفتاء شعبياً يشارك فيه الفلسطينيون من مختلف الأديان، باستثناء المستوطنين القادمين من الخارج، بهدف تحديد «أي فلسطين نريد»، والنتيجة هي نفسها، والدمار في سبع دقائق ونصف الدقيقة هو الخيار الأمثل المطروح على طاولة الكلام.

إسرائيل من جهتها تهدّد ايران بحجة تطويرها برنامجاً نووياً. وتحول هذا التهديد إلى سياسة ثابتة يلتزم بها أي حاكم إسرائيلي. تربط اسرائيل بين ما تعتبره سعياً ايرانياً لامتلاك السلاح النووي والتهديدات بتدميرها ودعم ايران منظمات معادية على حدودها وداخل الاراضي الفلسطينية. وبانتظار هذه «الحرب الكبرى» تخوض ما تسميه «المعركة بين حربين». وفي هذه المعركة شنت اسرائيل نحو 600 ضربة ضد مواقع وقوافل ايرانية في سوريا، وقامت – من دون تبنٍ صريح – بعشرات عمليات الإغتيال والتخريب داخل إيران نفسها، ولم يكن الرد الإيراني يوماً، على الضربات الاسرائيلية، ذا قيمة أو أهمية. كان «الصبر الاستراتيجي» عنواناً للمرحلة في إيران و»الرد المناسب في الزمان والمكان المناسبين» صار ترجمة أنصار إيران وأتباعها للشعار الايراني.

هل انتهى «الصبر الاستراتيجي» الآن لتصبح الحرب الكبرى ممكنة وليكون لبنان ساحةً لهذه الحرب، أم أن ايران يمكن أن تلجأ هذه المرة لـ»المعركة بين حربين» من أجل موقع أكثر قوة في تفاوضٍ لاحق؟

العالم كله في حالة توتر. الحرب الروسية الأوكرانية قسمت العالم شرقاً وغرباً. المفاوضات النووية متعثرة، ومقابل أميركا التي تعود إلى حضورها الرئاسي في المنطقة، تتحرك موسكو إلى طهران. العاصمتان الايرانية والروسية تتعرضان للضغوط والعقوبات، ولن تمانعا في ردود ما!! في أوكرانيا حرب عالمية ولو بقيت جبهاتها محصورة في بلد واحد. لكن استمرارها وتداعياتها الاقتصادية على العالم قد يشعل جبهات أخرى، والتوتر الحاد بين دول الغرب من جهة وروسيا و»حلفائها» من جهة ثانية، قد يجد متنفساً له في جبهات خامدة أو مستعدة، وجبهتنا جاهزة للأسباب الايرانية – الاسرائيلية الآنفة والمستأنفة، ولا تحتاج أكثر من عود كبريت من ماركة كاريش.

لكن قبل الانخراط في المعركة في جزئيتها اللبنانية يجدر التوقف عند سؤالين:

الأول ما رأي ودور ومصير 13 ألف جندي دولي في الجنوب، ثلثهم من الاتحاد الاوروبي، في ما سيدور فوقهم وتحتهم في البر والبحر والجو، وهم الذين يتولون الإشراف على تنفيذ القرار 1701، وماذا سيقول مجلس الأمن بعد أيام لدى بحثه في وضع هذه القوات والتمديد لها؟

الثاني يتصل برأي لبنان الرسمي، ممثلاً بمجلس النواب والحكومة في الحرب وموجباتها…، ثم، في المناسبة، أين هي الحكومة، ومن سيتخذ القرارات في التحرير وخلافه؟ هل هو حزب أم سلطة شرعية قائمة على المؤسسات التمثيلية؟ ومن سيتحمل المسؤولية في النهاية غير «العدو الصهيوني الغاصب»؟؟ يبدو هذا السؤال مملاً، لكن إزاء احتمال نشوب حرب خلال شهرين يجدر العمل إبتداءً من اليوم على قيام حكومة بقيادة من يريد خوضها ويستعجلها. واستعداداً لذلك، لا داعي لاستمرار نجيب ميقاتي في مهمته… ربما تتوفر أكثرية نيابية لخيارٍ آخر وحكومة أخرى تنهي التناقض بين «الدولة والمقاومة» وتتحمّل مرة واحدة مسؤولية قيادة الحرب والإعمار… والخروج من جهنم.

Exit mobile version