الهديل

لبنان بين قمة الحياة وقمة الموت

 

 

كتب عوني الكعكي:

انتهت أعمال القمة الخليجية للأمن والتغذية الى جانب كل من الأردن ومصر والعراق في مدينة جدة السعودية والتي حضرها الرئيس الاميركي جو بايدن ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي عهد الكويت الشيخ مشعل الاحمد الجابر الصباح، وملك البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة ونائب رئيس الوزراء العماني اسعد بن طارق، الى جانب كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني عبدالله الثاني ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وترأس القمة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.

هذه القمة أعلنت دعمها للإصلاحات في لبنان من أجل تحقيق تعافيه الاقتصادي وشدّدت على النقاط التالية:

أولاً: إقرار الإصلاحات المطلوبة من السلطة اللبنانية للخروج من عنق الزجاجة لتلافي الانهيار… ثم التأكيد مجدداً على ان هذه الإصلاحات هي معبر إلزامي لن تتخطاه أي دولة معنيّة بالملف اللبناني حيث يُترك أمر مراقبة هذه الاصلاحات لصندوق النقد الدولي الذي سيكون برنامجه الداعم بمثابة إعادة لبنان الى ساحة الاستثمارات الدولية.

ثانياً: دعم القوى الأمنية اللبنانية، وهو مطلب أميركي، وهذا المطلب هو الذي يستطيع حماية المؤسسات الأمنية وفي طليعتها الجيش وذلك عن طريق حصر السلاح بيده فقط.

ثالثاً: وهو البند الأهم في هذه اللحظة المفصلية لأنه يتصل بالاستحقاق الرئاسي، من خلال الدفع باتجاه انتخابات رئاسية في موعدها من دون تأخير. وفي الواقع تكمن أهمية هذه الدعوة في توقيت إطلاقها بدخول الاستحقاق الرئاسي وقربه، ومطالبة القوى السياسية اللبنانية كافّة بإجراء هذا الاستحقاق في موعده في الخريف المقبل.

ومن المنتظر أن يلتزم دولة الرئيس نبيه بري بالمهل القانونية التي يفرضها الدستور بدعوة مجلس النواب للقيام بواجبه وذلك في أول أيلول، الموعد الذي تتوجب الدعوة فيه لاجتماع المجلس لانتخاب رئيس للجمهورية قبل موعد شهرين على الأكثر وشهر على الأقل من موعد انتهاء ولاية الرئيس عون. فإذا لم تتم الدعوة فإنّ مجلس النواب مدعوّ حكماً للانعقاد في اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء الولاية.

الى جانب بيان القمة هذا، هناك موقف سعودي لافت موجّه لإيران (الجارة)، بأن المملكة تريد إقامة علاقات صداقة وحسن جوار ووئام معها مع الطلب إليها عدم التدخل في الشؤون العربية.

أمام هذا الواقع الذي أسفرت عنه قمة الحياة في جدة؛ نرى أنفسنا اليوم أمام قمة جديدة في طهران تجمع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره التركي رجب طيّب أردوغان والإيراني ابراهيم رئيسي في إطار قمة تتناول الملف السوري الى جانب موضوعات تهم البلدان المشاركة.

قمة الموت هذه تثير لدينا تساؤلات عدة أهمها:

أولاً: العجيب الغريب أنّ هذه القمة تعني التدخل في شؤون الدول العربية… والعرب غائبون تماماً عنها.

ثانياً: تركيا المشاركة في القمة.. احتلّت قسماً من سوريا. وتاريخها حافل باقتناص الفرص للسيطرة على أراضٍ سورية، بدءاً بالاسكندرون اللواء السليب وانتهاء باحتلال ثلاثين كيلومتراً من شمال سوريا.

كذلك فإنّ هناك ما يزيد على الأربعة ملايين من المهجرين السوريين… وهؤلاء قنبلة موقوتة تستعملها تركيا متى تشاء للتدخل في سوريا.

أما روسيا… فقد تذرّعت بالتدخل في سوريا لوقف الحرب، فساهمت في قتل السوريين حفاظاً على بشار الأسد، وأقامت قواعد لها في طرطوس واللاذقية وحميميم وقواعد للصواريخ والطيران.

أما سوريا… فهي باتت محتلة من روسيا وتركيا وإيران… فبالله عليكم… ماذا ستبحث قمة الموت هذه في طهران؟ وكيف ستقتسم هذه الدول الأرض السورية العربية، وكيف ستوزع من جديد؟

ماذا ستجيب إيران عن أسباب تدخلها في اليمن وفي العراق وفي سوريا وفي لبنان؟ لقد دمّرت سوريا وخرّبت العراق من خلال دعمها بالمال والسلاح الميليشيات التابعة لها هناك؟

وماذا سيقول الايرانيون عن دعمهم لميليشيا الحوثي، وكيف يبرّرون محاولات قلب النظام في اليمن؟

بكلمة، ماذا تريد إيران من سوريا؟

وماذا يفعل الايرانيون هناك؟

وما علاقة ايران بشؤون العراق، وغزة من خلال «حماس»، وبالشؤون اللبنانية والسورية واليمنية؟ وهل تريد إيران تحرير فلسطين والقدس من خلال لوائها «فيلق القدس» الذي أنشأته؟

أسئلة محيّرة جداً… يستطيع المراقب من خلالها أن يرى الفرق بين قمة الحياة في جدة… وقمة الموت في طهران!

بالتأكيد… لا حاجة لنا لانتظار ما ستسفر عنه قمة الموت في طهران.. لأنّ المكتوب يقرأ من عنوانه.

Exit mobile version