الهديل

ماذا لو فَعَلَها المُغتربون؟

كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:

“لبنان برعاية الله… والمُغتربين”. تختصرُ هذه الجملة الكثير ممّا قد يُقال عن وطنٍ تعيشُ فيه أكثر من 220 ألف أسرة في ظلّ رعاية يؤمّنها مغتربون فارقوا الوطن بالجسد ولكن ليس بالرّوح.

لا أرقامَ رسميّة تُظهر ما أرسله المغتربون من أموالٍ بالعملات الصّعبة الى عائلاتهم منذ بداية الـ2022 حتّى اليوم، ولكن بيانات السّنوات الماضية الرسمية وغير الرسمية أظهرت أنّ تحويلات المغتربين وإنفاقهم عبر قنوات مُختلفة قد تفوق الـ12 مليار دولار سنويّاً. هذا الرّقم هو 4 أضعاف ما يطمح لبنان الحصول عليه من صندوق النّقد الدّولي.

“أكثر من 25 في المئة من زبائن الصرّافين هم أفراد عائلات يزورون مع بداية كلّ شهر مؤسّسات صرافة لتحويل ما بين 150 دولاراً و700 دولار شهرياً الى اللّيرة اللبنانيّة بحسب سعر الصّرف في السوق السوداء، حصلوا عليها من الخارج لشراء الطّعام والدواء وحاجات أساسيّة أخرى”، بحسب ما يؤكّده الصرّاف في قضاء المتن ألكسي جيراكو لموقع mtv.

ولكن ماذا لو توقّف أكثر من مليون و300 ألف مُغترب عن إرسال الأموال الى ذويهم في لبنان؟ سألنا الخبير المالي والاقتصادي جاسم عجاقة، فكان جوابه أنّ هذا “السيناريو هو الكارثة الأكبر، فصمود عددٍ كبيرٍ من العائلات اللبنانيّة هو بفضل التحويلات أو الأموال التي تُرسل من الخارج إليها، وفي هذه الحال، فإنّ نسبة الفقر قد تفوق بشكلٍ تلقائي الـ85 في المئة”، مشيراً الى أنّ “قسماً كبيراً من الأموال التي يضخّها مصرف لبنان في السّوق بالعملات الصّعبة هي من أموال المُغتربين وتُستخدم بشكلٍ أساسيّ للاستيراد، وهذا يعني أنّ أموال اللبنانيّين في الخارج هي التي تؤمّن لنا كلّ ما نستورده من موادٍ غذائيّة ومحروقات وغيرها من السّلع الضرورية للصمود”.

ولكن، في المقابل، يعتبرُ عجاقة أنّ “المُشكلة هي التهميش الكبير من قبل الدّولة لدور المُغتربين الأساسي في أيّ عملية نهوض اقتصادي، فكما سوف يضخّون في الاقتصاد أكثر من 3 مليارات دولار عبر السياحة خلال أشهر الصيف، يمكنهم، إذا أولتهم الدولة الأهميّة اللاّزمة وفاوضتهم وتحاورت معهم كشريكٍ أساسيّ في بناء الوطن، وقدّمت لهم مجموعة تحفيزات وضمانات أن يكونوا ربّما البديل عن صندوق النقد، عبر أموالٍ يستثمرونها في لبنان في مجالات مختلفة، وبذلك يكون المُغترب هو المُستفيد والمنقذ على حدٍّ سواء”.

بعد بهجة الصّيف ومليارات السياحة، تشخص كلّ الأنظار صوب ما سيحمله خريف لبنان من تعقيدات وأزمات جديدة وتفلّت نقديّ لا سقفَ له. حينها قد نحتاج للمُغتربين أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وكما لفحتنا رياح التّغيير السياسي من الخارج في أيّار الفائت، قد نحتاج للفحة اقتصادية منهم في تشرين عندما يبدأ الانحدار الكبير… فهل يفعلها المُغتربون؟

Exit mobile version