جاء في “الأنباء” الإلكترونية:
يشهد لبنان تحلّل المؤسسات بأكملها، فمع استمرار الإضراب الذي ينفّذه موظّفو القطاع العام الذي يشل العمل الإداري في الدولة بأكمله، يأتي الأخطر في ما يشهده القضاء، وهو السلطّة المخوّلة ضبط إيقاع كافة السلطات، فإذ ببعض من قضاته يتحرّك بشكل استعراضي مسيّس يضرب ما تبقّى من مصداقية وعدالة.
اذ في يوم واحد، أمس، طبعت حادثتان مسار السلك العدلي بطبعة سوداء، الأولى اقتحام النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون مصرف لبنان في بيروت، والثانية استدعاء مدير عام إدارة المناقصات جان العلية إلى التحقيق.
استدعاء العلية كان خطوة مسيّسة بامتياز بالشكل والمضمون، خصوصاً وأنه دأب بإجماع واسع على مناقبيته وشفافيته وحرصه على المال العام، على التصدي لكل محاولات الهدر والفساد المستمرة في قطاع الكهرباء.
أما ما قامت به القاضية عون فهو ليس الاستعراض الأول لها، ومن المرتقب ألا يكون الأخير، خصوصاً وأنّ أوامر تحركاتها سياسية تُبعد المسار القضائي عن هدفه الأساس المتمثل بإحقاق العدالة وتطبيق مبدأ المحاسبة الذي يجب أن يسود في كل الملفات المطروحة لا بشكل استنسابي.
الخبير القانوني المحامي سليمان مالك أشار إلى أن “من صلاحية النائب العام الاستئنافي مداهمة مؤسسات تابعة للدولة، خصوصاً إذا ما كان الملف في مرحلة التحقيقات الجزائية، باستثناء مداهمة مواقع الرئاسات الثلاثة التي تتمتع بصلاحية”. لكنه في حديثه لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت مالك إلى أن “النائب العام الاستئنافي مقيّد بحكم قانون المحاكمات الجزائية الذي يحصر صلاحياته داخل دائرته الجغرافية، وفي حال أراد الخروج من دائرته إلى دائرة أخرى، عليه استئذان النائب العام الاستئنافي المعني، وبما أن القاضية عون تتبوأ موقع النائب العام الاستئنافي في منطقة جبل لبنان، فإنّ مداهمة مصرف لبنان في بيروت خارج صلاحياتها”.
وشدّد مالك على أن “مسؤولية النائب العام التمييزي اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبةً بحق القاضية عون جرّاء الاقتحام الاستعراضي الذي قامت به، وعلى التفتيش القضائي التحرّك أيضاً”.
وعن العقوبة التي قد تتلقاها عون، ذكر مالك أن “المجلس التأديبي قد يتخذ قراراً بحفظ الملف في حال لم تكتمل أدلّته لإدانتها، أو يتحرّك ويوجّه له تنبيهاً، وقد يصل الأمر إلى توقيفها عن العمل، لكن كل ذلك رهن تحقيقات المجلس القضائي والمجلس التأديبي”.