الهديل

«يللي استحوا ماتــوا»

 

 

كتب عوني الكعكي:

 

“اهضم” خبر قرأته هو أنّ تركيا وروسيا وإيران دعت أميركا لمغادرة شرق سوريا.

نبدأ بدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القوات الاميركية لمغادرة المناطق الواقعة شرقي نهر الفرات في سوريا…

كذلك طلب وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان من واشنطن مغادرة الاراضي السورية فوراً ومن دون أي شرط وهي الدعوة نفسها التي وجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء الفائت متهما واشنطن بسرقة النفط السوري وبيعه في الخارج.

فعلاً عندما قرأت هذا الخبر ضحكت “من كل قلبي” وقلت لنفسي: هل هؤلاء الرؤساء الكبار يدركون ما يقولون ام انهم يمزحون؟

إذ لا يمكن لعاقل ان يسمع او يقرأ ما يقوله هؤلاء الرؤساء إلا وتكون ردود الفعل “ضحكات من القلب” وفي احوال ثانية “البصق” على هذا الكلام للأسباب التالية:

أولاً: لا شك في أن ايران دخلت الى سوريا بطلب من الشعب السوري، ولا شك ايضاً انه جرى استفتاء شعبي وبناء على الاستفتاء توجه الرئيس بشار الاسد الى ايران واجتمع مع أعلى مرجعية دينية، اي انه اجتمع بآية الله خامنئي وطلب منه ان يرسل قوات من الجيش الشرعي الايراني وقوات من الحرس الثوري وأن تكون الفرقة بقيادة اللواء قاسم سليماني الذي قتلته مجنّدة أميركية في 3 كانون الثاني 2020 وهي تلعب على الكمبيوتر فشاهدت موكب اللواء قاسم سليماني ومعه نائب رئيس الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس فكبست على الزر بعدما اخذت موافقة من قيادتها فمحت من الوجود القائدين التاريخيين اللذين خرّبا العراق. وإن نسينا فلن ننسى مآثر الشهيد اللواء قاسم سليماني وأفضاله في تدمير سوريا وقتل مليون ونصف مليون مواطن سوري من اجل بقاء الرئيس بشار الأسد في سدّة الرئاسة.

هذا في سوريا، أما في العراق الذي لم يعد دولة حقيقية بعد الفضائح التي علمنا بها عن اعمال رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي صرف المليارات من بيع النفط العراقي لتمويل الحروب في سوريا واليمن والعراق، والأهم تمويل الحزب العظيم” في لبنان، إذ ان “الحزب يحتاج الى مليار دولار رواتب ومليار آخر للسلاح وهذا ما صرّح به اكثر من مرة السيد حسن نصرالله نفسه.

اما دعم الحوثيين بالسلاح والأموال فقد جاء قسماً منه من اموال الشعب العراقي، ولكي نكون دقيقين فإنّ هناك دعماً مالياً لحركة “حماس” في فلسطين، كي ترفض أي حل لإقامة دولة فلسطينية تلبية لاتفاق سرّي بين اسرائيل وإيران تضمن فيه الاخيرة عدم السماح للسلطة الفلسطينية بأن تبرم اي اتفاق سلام مع اسرائيل كما ان هناك اتفاقاً سرياً بين ايران وإسرائيل لعدم السماح للبنان بأن يوقع اي اتفاق سلام مع اسرائيل.

ثانياً: اما الدور الروسي في سوريا فلم يكن افضل من الدور الايراني، وللعلم وللتاريخ، فإنّ اللواء قاسم سليماني قام بزيارتين الى موسكو طالباً تدخلاً سريعاً… وتفيد المعلومات انه كان باقٍ للنظام السوري للسقوط النهائي فترة اسبوع واحد فقط، ولكن جاء التدخل الروسي العسكري الذي انقذ النظام السوري.

اما كيف تعامل الرئيس فلاديمير بوتين مع الرئيس الاسد، فقد تعامل معه بقلة احترام وقلة تهذيب والصور والفيديوات تبيّـن كيف منع ضابط روسي الرئيس الاسد من الاقتراب من الرئيس بوتين في مطار “حميميم”.

ثالثاً: الدور التركي لا يقل أبداً عن أدوار كل من ايران وروسيا في تدمير سوريا وقتل الشعب السوري، بالاضافة الى احتلال تركي لواء اسكندرون بالقوة بالرغم من ان ابناء اللواء السليب لا يزالون يتكلمون اللغة العربية.

منذ بداية الحرب الاهلية هرب عدد كبير من المواطنين السوريين من مدينة حلب وغيرها من المدن التي تقع على الحدود مع تركيا، حيث دخلت القوات التركية واحتلت شريطاً حدودياً على مسافة 30 كيلومتراً داخل الاراضي السورية استقبلت تركيا 4 ملايين مواطن سوري هاربين من النظام..

اما الطامة الكبرى فكانت مدينة حلب. تلك المدينة التي تحتوي على أهم المعامل والصناعات على مختلف انواعها… وتفيد المعلومات ان 200 معمل سوري انتقلت مع كامل تجهيزاتها الى تركيا، وملايين الدولارات من البضائع نقلت الى هناك ايضاً. ويأتي «الفرسان الثلاثة» بكل وقاحة راحوا ليطلبوا من اميركا الانسحاب من سوريا… نشكر لهم هذا الاهتمام ولكن كما يقول المثل: إبدأ بنفسك ثم بأخيك و”يللي استحوا ماتوا”.

Exit mobile version