الهديل

خاص الهديل – ” ترقبوا ماذا سيحدث في شهر آب “…

خاص الهديل 

يوجد عدد غير قليل من السياسيين الذين يعتبرون أن شهر أب المقبل، هو شهر هام ومفصلي، لأنه أحداثه ستوضح نوعية الأفق الذي سيذهب إليه لبنان، وذلك سواء على مستوى استحقاق رئاسة الجمهورية، او على مستوى ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، أو على مستوى رسم مؤشرات اقليمية تخصه ستسود في المرحلة المقبلة. 

و بنظر أصحاب نظرية ” ترقبوا ماذا سيحدث في شهر آب ” – وهؤلاء موجودون ليس فقط في لبنان، بل في العراق وسورية ودول أخرى تعيش حالة ساخنة من الأزمات – فإن هناك عدة تطورات هامة ستحدث في هذا الشهر، وسوف تؤدي نتائج هذه التطورات إلى كشف طبيعة المرحلة المقبلة، وما إذا كانت ذاهبة لتسويات كبيرة أم لتصعيد كبير.. 

في لبنان هناك سلسلة من الأحداث المتوقعة في شهر آب ، وفيما يلي أبرزها: 

عودة اموس هوكشتاين إلى بيروت ، وهذه المرة ستكون زيارته حاسمة ، فإما ستسفر عن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، واما ستسفر عن تعقد هذا الملف ، ما يفتح الباب امام حدوث جولة من التصعيد العسكري المحسوب، او الدخول في مرحلة طويلة من الستاتيكو الحالي( أي إستمرار الإنهيار الإقتصادي والشلل السياسي).

وفي حال لم تؤد زيارة هوكشتاين إلى حل لملف الغاز اللبناني، فليس بالضرورة أن ذلك سيعني ان لبنان لم يعد لديه طريق آخر لمعالجة ازمته الاقتصادية. ويتمثل هذا الطريق الآخر بتكثيف التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والعودة بنفس الوقت إلى وصفة ” تنفيذ لبنان الإصلاحات حتى يحصل من العالم على مساعدات” . 

.. ولكن حتى يتم تجنب التفاصيل ؛ يمكن القول انه خلال شهر آب سيتضح اي طريق سيسلك لبنان من ثلاثة طرق مطروحة أمامه : 

الطريق الأول : ترسيم الحدود البحرية ودخول لبنان نادي مالكي الغاز . 

في حال نجح هذا المسار ( ترسيم الحدود البحرية) ، فهذا يعني أن لبنان دخل ” أفق التسوية” ، وبدأ يخرج من ” نفق الازمة ” .  

.. وهذا يعني استدراكا أن لبنان سيذهب أواخر هذا العام إلى تسوية داخلية وخارجية ينتج عنها تسمية رئيس جمهورية جديد، يكون عنوان عهده القيام بمهمة قيادة البلد إلى تسوية سياسية تواكب التسوية البحرية التي تمكن لبنان من الوقوف اقتصاديا على قدميه.

 الطريق الثاني يتمثل بفشل هوكشتاين ، وحصول تصعيد عسكري بين حزب الله وإسرائيل؛ وهو تصعيد سيكون محسوبا حيث سيجري وفق أسلوب ” تبادل الضربات العسكرية المتناسبة” بين تل أبيب وحارة حريك، وذلك حسبما تكهن السيد حسن نصر الله نفسه مؤخرا-. 

واذا حصل هذا السيناريو، فهو لن يؤدي إلى حل لملف ترسيم الحدود البحرية أو لنيل لبنان حصته من الغاز، بل سيؤدي إلى طرح منطق أن الأولوية حاليا هي لإقفال التصعيد العسكري عبر إبرام هدنة عسكرية جديدة غير مباشرة بين الحزب وتل ابيب ، فيما ملف الغاز اللبناني ومنطقة قانا سيرحل إلى أجل غير مسمى .. 

هذا السيناريو سيكون له استتباعان اثنان داخل لبنان : الاول هو حصول نفس الوضع الذي ساد لبنان بعد حرب العام ٢٠٠٦ والذي ادى الى انقسام داخلي عميق، و الى احداث بيروت، ومن ثم الى تسوية ” تفاهم الدوحة” وما تلاها من انتخاب قائد الجيش ( ميشال سليمان) رئيسا لتطبيق التسوية الجديدة لادارة الوضع الداخلي. 

وهذه المرة؛ يتم الحديث عن سيناريو مشابه لمرحلة ما بعد عام حرب ٢٠٠٦، ولكن قوامه تصعيد عسكري بين حزب الله وإسرائيل، لن يكون بحجم حرب ٢٠٠٦، بل عبارة عن تصعيد محسوب يستمر ايام قليلة، ثم تليه اضطرابات داخلية سياسية واجتماعية عنيفه تترافق مع تعثر اقتصادي ومعيشي اكبر، وكل هذا ينتج نوعاً من الفوضى الداخلية لا تصل لحد الاشتباكات المسلحة.. وكل هذا الوضع يسفر عن دعوة القوى اللبنانية لاستضافتها في اجتماع خارج لبنان يكون على وزن ” اجتماع الدوحة”؛ يؤدي إلى تسوية أقل من الطائف وأكثر من الدوحة . 

.. وهناك ثلاثة دول مرشحة لاستقبال هذا الاجتماع : 

بدرجة أولى فرنسا ، كون الرئيس الفرنسي ماكرون متحمس لعقد ” تفاهم دوحة فرنسي جديد ” بين القوى اللبنانية ؛ وهو من أجل تنفيذ هذه الفكرة، لم يبادر إلى قطع علاقات باريس مع حارة حريك، ولا مع اي طرف لبناني.

الدولة الثانية هي مصر لما تمثله من ثقل عربي ودور وسطي مقبول من كل الاطراف السياسية اللبنانية ومن الدول الخارجية ذات الصلة بالملف اللبناني. 

الدولة الثالثة قد تكون السعودية، وذلك كون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أصبح مرشحا أكثر بعد نتائج زيارة بايدن إلى المنطقة إلى لعب دورا متقدما في قيادة النظام الرسمي العربي وتفعيله، وذلك بالشراكة مع مصر

الطريق الثالث هو استمرار حالة الشلل الراهن داخل لبنان ، وذلك بانتظار تطورات أكبر في المنطقة . 

.. وهذا الوضع الثالث ان صح التعبير، مرشح للحدوث بنسبة أعلى من التوقعين السابقين ، ذلك لان ” موضوع لبنان البحري والغاز ” ، قد لا يحل، او قد يتم انتاج نصف حل له ، بحيث يتحول هذا الموضوع إلى ملف عسكري بين حزب الله وإسرائيل يضاف إلى ملف التوتر العسكري والأمني القائم حاليا بين ايران وإسرائيل. وبالتالي يصبح وقف النار وعدم امتداد الحريق، هو عنوان موضوع الغاز اللبناني، وليس التنقيب عنه وإنتاجه. 

ويتوقع ان يترافق مع هذه الحالة، حدوث فراغ حكومي ورئاسي طويل وتراجع معيشي مضطرب.. وباختصار فان لبنان خلال شهر آب سيتضح ما اذا كان ذاهبا للدخول في ” الحل” او للبقاء في ” نفق الازمة ” ..

Exit mobile version