الهديل

خاص الهديل – داخل مجلس النواب توجد ” المشكلة ” وليس” الحل”

خاص الهديل

.. ” صراصير ” و” بطريركية”و ” ذكورية” و ” اقعدي واسكتي” و “هرج ومرج وصراخ” بين النواب ، و” انتخاب بالتزكية لأعضاء مجلس محاكمة الوزراء والرؤساء “، ومعظمهم يجب أن يكون تحت قوس المحاكمة، الخ..  

.. هذا هو حال المجلس النيابي الجديد المنتخب منذ نحو شهرين، والمطلوب منه أن ينتخب بعد نحو شهرين رئيسا للجمهورية . 

الدولة فاشلة بكل المعايير؛ وعقد جلسة لمجلس النواب ، ولو حضرتها السفيرة الأميركية في لبنان، لا يعني أن مؤسسة الجمهورية الأم (مجلس النواب) ، بالف خير.. فالواقع انه بداخل مجلس النواب “توجد المشكلة” ولا “يوجد الحل.” : توجد المشكلة الناتجة عن أزمة قانون الانتخاب الذي لا يمثل إرادة الناس بل إرادة أحزاب الفساد واحزاب الانهيار واحزاب استمرار الازمة.. وهذه مشكلة قديمة ، ويصح القول بها ” انه كما يكون قانون الانتخاب يكون مجلس النواب”؛ فإذا كان قانون الانتخاب صالحا يكون البرلمان صالحا والعكس صحيح.  

ويجدر هنا فتح مزدوجين للقول انه منذ العام ١٩٥٧ ثبت أن عملية تزوير الانتخابات في لبنان ، لا تتم بالأساس من خلال التلاعب بصناديق الاقتراع ، بل من خلال التلاعب بقانون الانتخاب. ففي انتخابات العام ١٩٥٧ لم يزور كميل شمعون اي صوت في صناديق الاقتراع ، ولكنه اسقط كل خصومه السياسيين، عن طريق انتاج قانون انتخاب يخدم الهدف الانتخابي لكميل شمعون، ويحاصر فرص خصومه بالنجاح. 

ولا تزال قاعدة الذهاب إلى الانتخابات بقانون انتخاب يزور نتائجها ، هو السائد في لبنان، ما يجعل البلد امام مجالس نيابية يعوزها القدرة على تجسيد روحية المجتمع اللبناني، وليس فقط صحة تمثيل الشعب اللبناني.     

وايضا في داخل مجلس النواب – كما ظهر امس- توجد المشكلة الناتجة عن أن النواب هم خارطة تحاصص المسؤولية عن الخراب السياسي في لبنان، وليسوا خارطة الهمم الصادقة لتوزيع مهام الإنقاذ السياسي والاقتصادي في لبنان.

 ان الدلالات التي قدمتها جلسة مجلس النواب امس، كانت سلبية وغير مشجعة وتشي بأن هناك مشكلة في البلد ، أكبر من اقتصادية وسياسية ؛ اي انها مشكلة تتصل بمضمون الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في لبنان.

  لقد تم التعبير عن هذا الحانب العميق للمشكلة، من خلال ما قاله، او ما شكا منه النواب الجدد خلال جلسة امس..  

وكان اللافت ان بعضهم لم يشكو فقط من انه لا يمكن ” التفاهم السياسي ” مع نواب السلطة؛ فلو شكو من ذلك، فأن هذه الشكوي تظل مفهومة ومعقولة ؛ لكن هؤلاء النواب الجدد شكوا من انه لا يمكن ” التعايش” بشكل وطني او ديموقراطي او حتى انساني، داخل مجلس النواب، بينهم وبين الأكثرية المشكلة لنواب الاحزاب.

 هناك فرق بين مصطلح تفاهم ومصطلح تعايش ؛ فالأول يشي بأن هناك خلاف وتباين وتباعد في وجهات النظر، وكل هذه المعاني تظل تحت سقف أن المطلوب حوار وطني؛ اما المصطلح الثاني الذي استعمله النواب الجدد، أي عدم إمكانية “التعايش” بينهم وبين نواب أحزاب السلطة ( اي الاكثرية)، فيعني وجود قطيعة وطنية وإنسانية وثقافية وسياسية واجتماعية بينهما. 

وعلى هذا فإن أخطر دلالة حصلت في الجلسة النيابية امس، تمثلت بأنها نقلت إلى داخل البرلمان حالة القطيعة الحاصلة راهنا بين مجتمعين في لبنان؛ أحدهما يمثل بيئات معينة والثاني يمثل بيئات مغايرة !!. وبذلك يصبح واضحا هذا الانقسام الموجود بشكل ظاهر في الشارع و الموجود بوضوح على وساىل التواصل الاجتماعي؛ والذي بات موجودا بوضوح داخل البرلمان . 

يجب إدراك ان الخطورة الحاصلة، اصبحت كبيرة جدا، كونها باتت تؤشر إلى أن هناك مجتمعين أثنين في لبنان ، يوجد بينهما  واسع من الافتراق الثقافي والاجتماعي والسياسي، ولم يعد يوجد بينهما الا حل واحد ، وهو الطلاق..  

.. واذا ساد هذا الانطباع بعدم امكانية التعايش على نحو اكبر خلال الجلسات المقبلة، فهذا قد يجعل الامور تذهب الى طرح “موضوع الحماية” داخل قاعة جلسات المجلس النيابي ، وداخل قاعات جلسات اللجان النيابية المشتركة.. 

” الحماية ” تاتي هنا بمعنى ” الفصل ” بين بيئتين من النواب؛ وتأتي بمعنى ” تكليف جهة أمنية مستقلة بتنفيذ خطة أمنية ” في كل جلسة نيابية؛ على ان تكون هذه الجهة الامنية محل ثقة النواب التغيريين، وذلك لجهة انها تنفذ خطة امنية محايدة وعصرية و تؤمن لهم حماية إنسانية وثقافية وليس فقط حماية التعبير عن ارائهم !! .. 

المقصود هنا هو خطة امنية تجيب عن موجبات مطلب الحماية كما عبر عنه النواب الجدد .. وخطة أمنية يطالب بها البعض على الأرض لحمايتهم في ظل غياب الدولة!!. 

لا يجب استبعاد ان تبرز مطالبة بتوفير ” حماية” داخل مجلس النواب، تجيب على الأسئلة التالية: 

 من يحمي النواب الجدد من الممارسة التسلطية ( البطريركية) في مجلس، بحسب ما شكت “نائبه تغييرية”؟؟. 

.. ومن يقمع تحرش “نائب ذكوري” بنائبة علمانية او حديثة المفاهيم، كما ورد في اتهامات النائبات الجدد خلال جلسة امس النيابية!!؟.

ما تقدم قد يكون مجرد تخيل لسيناريو رمزي، ولكن هذا السيناريو في قد يصبح واقعا معاشا، فيما لو لم يتم استدراك الامور من القوى والشخصيات السياسية التي تظن ان الحال بالف خير ، طالما ان سلطتها لم تمس..   

الحق يقال ان الوضع ليس فقط ليس بخير ؛ بل ينذر بخطر القطيعة والانقسام والتقسيم الذي بدأ اليوم رمزيا .. وغدا يصبح فعليا.

Exit mobile version