كتب العميد المتقاعد الدكتور عادل مشموشي:
“حل أزمة الرغيف بمصادرة ما في مخازن المحتكرين
ظاهرة التهافت على ربطة خبز امام الافران في لبنان، ليست بجديدة، ولا هي بظاهرة فريدة، إذ سبق للبنانيين وعانوا من ندرة الخبز الموزع عبر الافران على الافراد مرارا وتكرارا، كما سبق لهم وتهافتوا على المحروقات مرارا وتكرارا، واكتشف مسؤولونا مرارا وتكرارا ايضا ان ندرة السلع المستوردة وبخاصة المدعومة، وفي مقدمتها المحروقات والخبز لا يعود لنقص في الكميات المستوردة، إنما لأحد الأسباب الثلاثة التالية: الاول هو التلاعب في فواتير السلع المدعومة المستوردة لتهريب الاموال الى الخارج، وثانيها لتحقيق أرباح خيالية “غير مشروعة”، وثالثها يتمثل في احتكار معظم الكميات المستوردة لحين رفع الدعم، ليصار الى طرحها في السوق بأسعار غير مدعومة.
إن المتاجرين بلقمة المواطنين، من مطاحن وافران، يجنون أرباحا خيالية، جراء خزعبلاتهم الاحتكارية والتلاعب في الكميات المدعومة واستعمالها في صناعة سلع غير مدعومة مثل الحلويات والكعك وخبز المطاعم والصندويشات والبرغر والكنافة وغيرها بالاضافة الى بدعة فرضهم على الزبائن شراء ربطة خبز عادية، واخرى صغيرة اي خبز المطاعم، وكذلك يستفيدون من بيع كميات كبيرة من مشتقات القمح كالكعك والحلويات والمعجنات …الخ التي يرى الافراد انفسهم مكرهين على شرائها كبديل عن الخبز ولو بأسعار خيالية.
إننا نقول لمن يدفنون رؤوسهم في الرمل للتعامي عما يعانيه المواطنون، ان مسؤولين كبار قد فاحت رائحة فسادهم، إما لضلوعه مُباشرة في عمليات التلاعب والاحتكار، واما بصورة غير مباشرة عبر أنسباء مستشارين او من المقربين الطارئين على المصلحة، او ممن يعملون لصالحهم من أصحاب مطاحن وأفران محظيبن لتقاسمهم عاىدات الصفقات سوية.
إيها المسؤولون، اتقوا الله في شعبكم، واعلموا أن هذه الالاعيب لم تعد تنطلي على أحد، وبخاصة محاولة التلطي خلف النازحين السوريين وتصويرهم كحينان يلهطون يوميا مئات الاطنان من الخبز. او تصوير الامر على ان معظم الكميات المستوردة والمدعومة تهرب برا الى الخارج، وعلى افتراض وجود تهربب تبقى المسؤولية على عاتقكم، لأن الدولة بأجهزتها مقصرة في مكافحة التهريب وخاصة السلع المدعومة، والتي سبق لنا ونادينا بوجوب تشديد العقوبات ورفع قيمة الغرامات في كل مرة يكون محل جريمة التهريب سلع مدعومة، وقد تقدمت إحدى الكتل النيابية باقتراح قانون بهذا الخصوص، ولكنه لم يبصر النور لغابة الآن لغاية في نفس يعقوب.
أيها المسؤولون إن عزمتم على معالجة أزمة الرغيف، التي ظاهرها التزاحم على أبواب الافران للفوز بربطة خبز، فالحل واضح وسهل التطبيق، وما عليكم سوى الاعلان عن نيتكم بمصادرة الكميات المخبئة لدى المستوردين وأصحاب المطاحن وكبار موزعي الطحبن، وأوعزوا للقوى الأمنية بعدم التلهي بملاحقة الدراجات النارية التي تحمل بعض ربطات الخبز، ولا بالتحقيق مع عامل فرن من هنا وعامل من هناك، ولكن من خلال البحث عن المخازن السرية ولو باستيضاح سائقي الشاحنات التي تولت نقل القمح من المرفأ الى تلك المخازن، كما التقصي عن المتورطين بقضايا الاحتكار من بين المستشارين والمقربين، وخاصة المتسترين بمقدمي خدمات مجانا للوزراء وكبار التجار.
كما ندعوا الأجهزة الأمنية للاستعانة بسجلات المرفا لمعرفة سائقي الشاحنات الذين تولوا نقل القمح من المرفا إلى المخازن لمعرفة مكانها ومداهمتها ومصادرة ما فيها، وما هي إلا ساعات حتى تتفاجؤوا بمقدار الكميات المُخبأة، والتي يكدِّسها الفجار الجشع،تمهيدا لبيعها بعد رفع الدعم عنها.
ألم يكفكم بعد تبديدكم لاحتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة؟ ونهبكم وتبذيركم لأموال المودعين؟
ألم يكفكم بعد ما يتعرض له الشعب اللبناني من إذلال امام الافران ومحطات الوقود والمستسفيات؟ الم تكفكم بعد حالة الشلل التي اوصلتم البلد إليها؟ ألم يكفكم بعد تعطيل معظم إدارات الدولة؟ ألم يحن الاوان بعد لكي تعوا مغبة التضييق على الاسلاك العسكرية والامنية وقتل الروح المعنوية لديها؟؟؟؟؟
الم تتعبوا بعد من ألاعيبكم التعطيلية،ومناوراتكم الإلهائية؟
ألم تمتلئ خزائنكم بعد بالاموال الملوثة بعرق الكادحبن، ودماء الشرفاء المخلصين للوطن؟ ألم تضج آذانكم بعد بأدعية الفقراء والمعوزين؟ ألم تغتسل وجوهم وثيابكم من رأسكم لأخمص قدميكم بما تقذفه أفواه الشرفاء عليكم، وانتم تقولون انه مطر منكرين أنه رذاذ لعابي؟
الم يحن الاوان بعد لتتقوا ربكم الذي إليه مرجعكم وان تعوا ان كل ما جنيتموه بالحرام سيكون وبالا عليكم.
حبذا لو تتفكرون، ثم حبذا لو توقنون انكم لهذه الدنيا لمغادرون عراة وخاليي اليدين من كل ما تكتنزون، وانكم على سيئات أفعالكم لمحاسبون.”