خاص الهديل
بحسب كل المعلومات، غدا يصل هوكشتاين إلى بيروت ؛ وبزيارته هذه ، يكون هوكشتاين قد وصل الى الوقت الحاسم على مستوى تنفيذ مهمة الوساطة الأميركية لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل ؛ وهي المهمة التي سبق هوكشتاين فيها العديد من الوسطاء الأميركيين..
وبحسب معلومات متقاطعة فان الوسيط الأمريكي عاموس هوكشتاين، سيعود إلى بيروت ضمن المعطيات الجديدة التالية التي يحملها:
المعطى الأول يقع في ان هوكشتاين كان منذ زيارته الاخيرة للبنان وإسرائيل، حدد ان موعد زيارته المقبلة لبيروت سيكون بعد انتهاء زيارة بايدن للمنطقة.
.. وهذا يعني وجود صلة بين المحادثات التي اجراها بايدن حول الطاقة في المنطقة وتزويد أوروبا بالغاز ، وبين الرؤية العامة للحل التي سيطرحها هوكشتاين لحسم ملف الحدود البحرية اللبناني الاسرائيلي.
وبحسب خبراء فان هوكشتاين يتحرك اليوم في هذا الملف ، انطلاقا من انه له مهمة داخل توجه بايدن، وهي تسريع الحل بشأن الغاز بين لبنان وإسرائيل، وذلك ارتباطا بخطط بايدن لتدفئة اوروبا خلال الشتاء القادم ، ووجود دور للغاز الاسرائيلي داخل هذه الخطط.
ويمكن القول هنا، أن هوكشتاين سيسهل الحل ليس انطلاقا من توجه أميركي لإنهاء هذا الملف بحد ذاته ، بل انطلاقا من توجه بايدن للاسراع في وضع الغاز الاسرائيلي في خدمة تزويد أوروبا بالغاز خلال الشتاء.
المعطى الثاني الذي يواكب زيارة هوكشتاين ، تتمثل بأنه نجح في تقليص الفجوات بين موقفي لبنان وإسرائيل في موضوع حدود المياه الاقتصادية؛ وذلك بموجب الاتفاق المزمع توقيعه لحل مسألة ترسيم الحدود البحرية. وبموجب هذا الاتفاق سيحصل لبنان على اكبر قدر من المساحة المتنازع عليها، والمقدرة بنحو 900 كيلومتر مربع مع تمسك إسرائيل بالشراكة في حقل قانا.
واذا صحت هذه المعلومات ذات الصلة بطبيعة التوجه لزيارة هوكشتاين من جهة ، وبطبيعة الحل الذي يحمله من جهة ثانية؛ فهذا يعني أن هوكشتاين يتوسط هذه المرة انطلاقا من نقطة انه يكمل لبنانيا بخصوص الغاز ، مع ما انهاه بايدن اقليميا، بخصوص هذا الملف، وذلك خلال زيارته الاخيرة .
.. وهذا يعني أيضاً أن هوكشتاين، لن يسير بصيغة كاريش لإسرائيل وقانا للبنان ؛ بل إنه سيطرح حل يقول ان كاريش لإسرائيل وقانا مشتركة بين لبنان واسراىيل.
.. وهنا يوجد مشكلة هامة، مفادها أن لبنان حينما طرح الخط ٢٩ ، كان يحق له بموجب طرحه ذاك، أن يحصل على قانا وان يكون يكون شريكا في حقل كاريش. وحاليا ما هو معروض على لبنان، هو قانا مع شراكة فيها مع إسرائيل.
المعطى الثالث هو مطالبة إسرائيل بالحصول على ممر لها لانبوب تريد تمريره داخل المنطقة اللبنانية الخالصة.
ان السؤال هو كيف سيقول لبنان للوسيط الاميركي ” نعم قبلنا الطرح ” او سيقول لهوكشتاين” ان ما يحمله من حلول غير عادل؟؟..
فإذا قال لبنان ” لا”؛ فهل سيقول ذلك من خلال تنفيذ رسائل حزب الله التي هددت بأنه من دون تحقيق مصالح لبنان في غازه، فأنه سيمنع بالقوة إسرائيل من التنقيب وتصدير الغاز .. بمعنى أن الحزب سيمنع إسرائيل – بحسب التوجه الاميركي الراهن ، وبحسب ما يهم بايدن راهنا من كل هذا الملف- ، من تصدير الغاز إلى أوروبا.. وفي هذه الحالة ستكون مشكلة لبنان مع توجهات بايدن الكونية ، وليس فقط مع إسرائيل ؟؟ .
وإذا قال لبنان “نعم ” لما يحمله هوكشتاين، فهل سيرد بلسان الحكومة اللبنانية حيث سيطلب حينها من أجل تصحيح المقترح الاميركي بالعودة إلى التفاوض في النافورة؛ بشرط تجميد التنقيب والإنتاج في كل المنطقة المتنازع عليها بين لبنان واسرائيل؟؟.
السيناريو الثاني هو المرجح، مع أنه قد يؤدي إلى إعلان قرار أميركي يعطي الضوء الأخضر لكل من لبنان وإسرائيل بأن يبدأ بالتنقيب في حقولهما غير المتنازع عليها بينهما، فيما يتم وضع المنطقة المتنازع عليها بينهما بعهدة شركة دولية تقوم بالتنقيب فيها وبيع غازها إلى اوروبا- وهذا ما يهم واشنطن-، ثم يصار إلى وضع ثمن هذا الغاز المباع من المنطقة المتنازع عليها في حساب دولي يجري تقسيمه بين لبنان وإسرائيل ، وذلك بعد ان يتفق الطرفان على حل بخصوص هذه المنطقة.
.. خلاصة القول : بالنسبة لأميركا فإن الأولوية هي لتصدير الغاز إلى أوروبا ، بغض النظر عن شكل الحل ومضمونه بين لبنان وإسرائيل.
بمعنى اخر، فإنه بالنسبة لأميركا يمكن تأجيل التوصل إلى حل ، ولكن لا يمكن تأجيل تصدير الغاز .. وهنا تقع التحديات فيما لو قررت جهات اقليمية ( ايران ) او دولية ( روسيا) تخريب الأولوية الأميركية، ودفع الامور إلى منطق طبيعي يقول انه لا تصدير للغاز الإسرائيلي قبل إنجاز الحل على مستوى توزيع الغاز بين لبنان وإسرائيل !!.. وفيما لو حصل هذا الأمر ، فهل يقع حينها الصدام الإقليمي والدولي، ويكون الغاز اللبناني قد تسبب فعليا، بانطلاق الشرارة الأولى في عملية تمدد نيران حرب أوكرانيا إلى منطقتنا؟ .