الهديل

بري يرهن إنتخاب الرئيس بالإصلاحات: “رايحين على الناقورة.. ومش كل شي سببه أميركي”

كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:

ظهر رئيس البرلمان نبيه بري شبه متيقن بأن مفاوضات الناقورة بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية ورعاية الأمم المتحدة، حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل ستُعَاود بعد الزيارة التي يبدأها اليوم الوسيط الأميركي كبير مستشاري الخارجية الأميركية لأمن الطاقة آيموس هوكشتاين، لأن هذا ما نص عليه اتفاق الإطار الذي كان أعلن عنه في الأول من تشرين الأول 2020.

وعندما سئل عن سبب عدم البحث في الحدود البرية على رغم أن اتفاق الإطار نص على تلازم الأمرين، أجاب: «رايحين على الناقورة وحين يحصل الترسيم البحري يسهل الترسيم البري…».

لكن بري، الذي يرى أن تأليف الحكومة يحتاج «معجزة»، ترك الأبواب مفتوحة على الاحتمالات كافة حول الاستحقاق الرئاسي على رغم تلميحه إلى ميله لرئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية نظراً إلى قول الأخير بعد لقائه به الثلثاء الماضي إنه «لمصلحة لبنان». وحين استدرك ورحب بأي شخص يختار مصلحة لبنان قيل له إن جميع المرشحين يقولون إنهم يعملون لمصلحة لبنان، أجاب: «إذا كل واحد يقول إنه يعمل لمصلحة لبنان ليس ضرورياً أن تكون ممارسته كذلك».

في لقائه مع الصحافيين بعد ظهر السبت، بدا بري على مشارف تحقيق الإنجاز الذي سعى إليه خلال السنوات الماضية من التفاوض تحت الأضواء أحياناً، وبعيداً عنها معظم الأحيان، وصولاً إلى اتفاق الإطار الذي على أساسه انعقدت مفاوضات الناقورة غير المباشرة في 14 تشرين الأول 2020. وفضلاً عن أن بري هو «الأب الروحي» لاتفاق الإطار، بدا أنه بإعلان ذلك يستعيد المبادرة في ملف الترسيم، بعدما خطفها منه فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ثم الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله بالتهديدات التي أطلقها باستهداف حقل «كاريش وما بعد بعد كاريش» بالطائرات المسيرة.

وعلى رغم إعلان بري أنه «حين مشينا في اتفاق الإطار لم ندخل بمسألة الخطوط ولا حول ما لنا من مساحة مئة أو ألف كيلومتر»، خلال لقائه الصحافيين السبت، فإن المعطيات أفادت، بأنه عند إعلانه اتفاق الإطار في 2020 جاء تتويجاً لاتصالات بقيت طي الكتمان اعتمدت الخط البحري 23 أساساً لحقوق لبنان. فالاتصالات السرية التي كان يجريها مع الجانب الأميركي كانت توصلت إلى حصوله على جزء كبير من الـ 860 كيلومتراً مربعاً المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، وهي تقع بين خط «هوف» الذي رفضه لبنان، والخط 23. وكان يُؤمل بالحصول على ما تبقى منها من خلال مفاوضات الناقورة، لو لم يطرأ اقتراح اعتماد الوفد اللبناني المفاوض الخط 29، ما أدى إلى تجميدها بعد 4 جولات، لأن الجانب الإسرائيلي والوسيط الأميركي رفضا هذا الخط واعتبرا أنه ينسف المفاوضات.

يفضي ذلك إلى التساؤل هل ان استئناف جلسات التفاوض في الناقورة يفترض أن يكون تتويجاً لتحقيق مطلب لبنان بالحصول على الخط 23+ (أي أن يتعرج هذا الخط في شكل نصف دائري عند الجزء الصغير من حقل قانا الذي يتخطى هذا الخط، لضمان حصول لبنان على هذا الحقل كاملاً، ثم يعود مستقيماً في عمق البحر) وهو ما تضمنه العرض اللبناني لهوكشتاين في زيارته الأخيرة في 14 حزيران الماضي. أي أن العودة إلى جلسات الناقورة هل تكون لتكريس ما يفترض أنه جرى التوصل إليه في الجهود التي بذلها هوكشتاين بين الجانبين، مثلما كان إطلاق مفاوضات 2020 يجب أن يكون لاستكمال الاتفاق على ما توصل إليه بري بالحصول على كامل مساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً؟

وإذا كان تشديد بري على العودة إلى الناقورة ترك مجالاً لهذا التساؤل في بعض الأوساط التي تميل إلى التفاؤل بعودة هوكشتاين، فإن أوساطاً أخرى واسعة الاطلاع، تتحدث عن معطيات بأن الوسيط الأميركي لم يأتِ بشيء يسمح بإنجاز الترسيم على الحدود قريباً، وأن العودة إلى صيغة المفاوضات في الناقورة تعطي أملاً بإمكان التوصل إلى نتائج وتمدد فرصة البحث، وتكون وسيلة من أجل الحؤول دون أي اهتزازات أمنية.

في ندوته الصحافية السبت لفت بري إلى أن «الجواب الشافي بعد غد، وإنشاء الله نذهب إلى الناقورة وما سمعناه من أخبار أننا سنعود لاتفاق الإطار وليس أي شيء آخر، وهذا ما اتفق عليه الرؤساء الثلاثة والظروف الاقتصادية والأمنية لا تسمح أن يكون هناك تمييع»، مذكراً بخطابه بعد إعادة انتخابه لرئاسة البرلمان في 31 أيار، والذي دعا فيه إلى أن يقول الـ»128 نائباً نعم صريحة وقوية وواحدة ضد أي تفريط بحقوق لبنان السيادية في حقوقه المائية». وأضاف: «لا للتنازل أو المساومة أو التطبيع قيد أنملة مهما بلغت الضغوط… وحقل قانا كله أو بلاه». وهذا ينطبق على رفض أي اقتراحات يحكى عن أن إسرائيل تقترحها حول قيام شركة دولية بتوزيع ما يتم استثماره من غاز ونفط على لبنان وإسرائيل فالأمر «غير وارد» حسب قوله. أما الحديث عن أن شركة قطرية تتولى توزيع ما ينتج من حقول مشتركة فيعتبر بري أن «الأقوال كثيرة لكن الحقيقة في موقع آخر». ويعود فيتوقع «الجواب الشافي بالذهاب إلى الناقورة»، مشدداً على اتفاق الرؤساء الثلاثة بأن رئيس الجمهورية يفاوض والوفد يكون عسكرياً. وحين قيل له هل المقصود بـ»الشيء الآخر» (تفادي) الحرب أجاب: «لم أقل ذلك»، لكنه عندما سئل عما إذا كانت مسيّرات «حزب الله» ساعدت (في العودة إلى الناقورة) قال: «من دون شك». واعتبر أن حاجة أوروبا للغاز تسرع الاتفاق على الترسيم.

وعن عودة شركات التنقيب عن الغاز والنفط، ذكّر بري بأنه سبق أن خاطب فرنسا عبر سفارتها وعبر الرئاسة بأن لا مبرر ألا تنقب شركة «توتال» في المنطقة التي تم اختيارها لذلك، لأنها بعيدة 25 كيلومتراً عن المنطقة المتنازع عليها، لكن الأميركيين لا يريدون».

ونفى أن يكون استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن مربوطاً بالاتفاق على ترسيم الحدود، مشيراً إلى أنه أثناء استقباله المدير السابق للبنك الدولي في لبنان والمدير الجديد تبلغ بأن شرط تمويل استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء والمطلوب من لبنان أولاً وثانياً وحادي عشر تشكيل الهيئة الناظمة وفق قانون صدر قبل 14 سنة ولم ننفذه «ومش كل شيء (التأخير) سببه أميركي».

في الاستحقاق الرئاسي أدخل بري تعديلاً على ما كان تسرب عنه حول إمكان دعوته البرلمان إلى جلسة انتخاب الرئيس منذ بدء سريان المهلة الدستورية في الأول من أيلول، فربط ذلك باستكمال البرلمان «إنهاء القوانين والإصلاحات المتعلقة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي خلال شهر آب الذي من المهم أن نستفيد منه، والتي بادرنا بإقرار أصعبها في الجلسة الأخيرة أي قانون تعديل قانون السرية المصرفية. وننتظر أن تزودنا الحكومة بالنسبة إلى الموازنة بسعر الصرف الذي طلبته مرات عدة ولم تأتِ به. وحتى لو تأخّرت عن 1 أيلول يكون هذا السبب، لأنه يجب أن نلاقي الرئيس المقبل بجو جديد». لكنه أردف: «واجبات رئيس المجلس ليس فقط الدعوة للجلسة. هناك عاملان يلعبان دوراً في ذلك: الأول إنهاء القوانين الإصلاحية، والثاني آلية الاتصالات بين الفرقاء ( للتوافق على الرئيس المقبل).

ومع أنه تمنى ألا يحصل فراغ رئاسي، رد على سؤال عن الحاجة إلى تعديل الدستور إذا كان سينتخب قائد الجيش العماد جوزاف عون للرئاسة بالإصرار على «تطبيق الدستور». لكن حين قيل له إنه لم يُعدّل من أجل انتخاب الرئيس ميشال سليمان أضاف: «حصل تجاوز للمهلة (الستة أشهر التي تفرض استقالة قائد الجيش من منصبه قبل الانتخاب، وهي سقطت بفعل الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود) وبالتالي إذا رشّح أي ماروني نفسه للرئاسة يحق له ذلك». لكنه لفت إلى أن «لا أكثرية ولا أقلية في البرلمان وظهر ذلك في الانتخابات واللجان النيابية ورئاسة المجلس».

ورد على سؤال حول مواصفات البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي للرئيس المقبل وعن حيثيته المسيحية قال: منذ العام 1992 هل مشيت بأي مسألة (لا تراعي) أي حيثية مسيحية؟…لبنان متعدد الألوان. والرئيس يجب أن تكون لديه نكهة مسيحية وإسلامية وقبل أي شيء وطنية ليكون جامعاً. ووصف ما يحصل بالنسبة إلى الفراغ على الساحة السنية بأنه «شبيه بالعام 1992 حين قاطع المسيحيون الانتخابات إلا في الجنوب فكان البلد أعرج. واليوم مع احترامي للنواب السنة أثبتت الانتخابات من عكار للناقورة أن (تيار) «المستقبل» لديه الحيز وبالتالي هناك تمايزات في الآراء وأسمع أن المفتي سيجمعهم على كلمة واحدة». وأكد أنه ليس على تواصل مع الرئيس الحريري لكني قلت له حين أبلغني بقراره (العزوف عن الانتخابات وتعليق العمل السياسي) إني لا أتفهم هذا الخيار.

وبدا معارضاً لتقسيم بلدية بيروت لأن «لبنان أصغر من أن يقسم، كالذرة إذا قُسمت تنفجر، واستبعد أن تحصل حوادث أمنية بسبب أجواء التشنج في البلد.

يعود دور بري إلى الواجهة من باب الترسيم، وطبعاً من نافذة انتخاب الرئيس، فضلاً عن حصة البرلمان من إقرار الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد. ومع أنه لم ينفِ خلافه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لأنه لا يفسد في الود قضية واتصل به من أجل تأمين لقاء للرؤساء الثلاثة أو للقاء ثنائي، اليوم أثناء حضورهم عيد الجيش، وهو كان موضوع اتصال السبت أيضاً مع عون الذي قال إن علاقته معه «كتير منيحة»، فإن مصادر معنية أوضحت لـ»نداء الوطن» أن بري يتهم ميقاتي في مجالسه بتأخير إقرار الموازنة بسبب عدم تحديده سعر الصرف، كما نقل عنه بعض الزوار، فيما قال للصحافيين إن الموازنة «خالصة والخميس إذا جاءني توحيد سعر الصرف نحدد جلسة لبحثها وهذا شرط ليس بيدي…».

واكتفى بالدعوة إلى تطبيق القانون في شأن قضية النائب البطريركي العام للموارنة المطران موسى الحاج.

عن تحميله من قبل رئيس «التيار الوطني الحر» مسؤولية إخفاق عهد الرئيس عون وإمكان حصول اتفاق معه سأل: «وهل هو كان متفقاً مع الجميع ما عداي أنا؟ إذا كان الكلام صحيحاً أكون الملام. لكن ما حذرت منه حصل».

واعتبر أن المشاغبات التي حصلت في الجلسة النيابية الأخيرة «اعطيت حجماً أكثر من اللازم في الإعلام».

Exit mobile version