الهديل

الجميع يعلم الحقيقة… ولكنْ مَن يجرؤ على قولها؟!

كتب عوني الكعكي:

الجميع… نعم الجميع في لبنان وفي العالم يعلمون من فجّر مرفأ بيروت، وَلْنَقُلْها بصراحة: إسرائيل هي التي فجّرت.. ولكن عندما شاهدت حجم الدمار وعدد القتلى، خافت وسكتت بعدما أعلنت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّ سلاح الطيران الاسرائيلي قام بعملية تفجير مخازن للأسلحة في مرفأ بيروت، كانت المقاومة تستوردها عن طريق البحر حيث أصبح مرفأ بيروت تحت الوصاية الايرانية مباشرة، بعدها نفت الاذاعة الاسرائيلية الخبر.

على كل حال، الشخص الوحيد الذي قال الحقيقة، هو الزعيم وليد جنبلاط حيث أعلن في تغريدة له ان «الحزب» استورد مادة الأمونيوم لاستعمالها في سوريا، وإسرائيل قامت بتفجير ما تبقى من هذه المادة.

وللتدليل على فظاعة ما ارتكب… نذكر الأحداث التالية:

أولاً: اغتيال المصوّر اللبناني جوزيف بجاني الموظف في شركة اتصالات، وكان بجاني معتمداً لدى جهاز أمني…

لقد اغتيل بجاني أمام منزله في الكحّالة بينما كان يهم بالمغادرة بسيارته… وقيل يومذاك إنّ الاغتيال مرتبط بمعلومات يعرفها المجني عليه، وهي تفضح جهات نافذة.

ثانياً: جريمة مقتل المسؤول السابق في الجمارك العقيد منير أبو رجيلي في منزله في منطقة قرطبا وما قيل عن دوافع لها علاقة بتفجير مرفأ بيروت وبخاصة أنّ العقيد المذكور كان يشغل منصب «رئيس مكافحة التهريب في الجمارك اللبنانية»..

ثالثاً: اغتيال لقمان سليم أبرز المعارضين لحزب الله على يد مجهولين.

رابعاً: قضية اختفاء الصحافي ربيع طليس الذي كان يحقق في موضوع نيترات الأمونيوم التي أدّت الى انفجار المرفأ المروّع.

أمام كل هذه القرائن… أو بعد عامين على تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020 يتوقف اللبنانيون أمام هذا الحدث الفظيع، الذي حوّل ثلث العاصمة الى أحياء منكوبة، فحصد حوالى 224 ضحية و7 آلاف جريح إضافة الى تضرّر حوالى 30 ألف وحدة سكنية.

لقد مرّت الأيام «الخمسة» التي كانت الحكومة السابقة قد وعدت اللبنانيين بإنهاء التحقيق خلالها، ليتبيّـن للجميع وفي الذكرى السنوية الثانية، أنّ الأيام الخمسة تلك، كانت مجرّد وعود لاحتواء غضب الأهالي، فيما التحقيق لا يزال عالقاً، والمحقق العدلي القاضي طارق البيطار مغلولة يده.

واللافت ان الاهراءات التي كانت شاهدة على الجريمة تشتعل النيران في قسمها الشمالي الذي زاد انحناؤه من 12 ملم الى 20 ملم ما يوحي بقرب انهياره، بعد انهيار جزء منه قبل أيام.

أسئلة عدّة أثَرْتُها في مقالاتي السابقة منها:

أولاً: ما السبب الحقيقي لرسو باخرة نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت عام 2013؟ وهل كانت وجهتها الموزمبيق كما قيل يومذاك؟

ثانياً: مَن هو مالك السفينة الحقيقي؟

ثالثاً: لماذا بقيَت حمولتها في العنبر رقم 12 في المرفأ منذ عام 2014 من دون أن تتم معالجة أمرها؟

رابعاً: ما هو السبب المباشر للانفجار؟ وهل كان حادثاً أم فعلاً متعمّداً؟

خامساً: كم هي كمية نيترات الأمونيوم التي انفجرت بالفعل، وكيف سحبت الكمية الناقصة ومن سحبها؟

إنّ هذه التساؤلات… وهذا الغموض الذي لفّ القضية أثار شكوكاً عدّة أذكر منها:

أولاً: لقد تحدّث شهود كثر عن دويّ انفجارين، وراح اختصاصيون يحلّلون الألوان التي نفخها عصف الانفجار ما يفضح بشكل علمي – طبيعة المتفجرات التي تمّ صعقها… بما رجّح فرضية تدخل خارجي استهدف مخزناً داخل المرفأ تسبّب بتمدّد الشحنة الصاعقة الى العنبر الذي كان يحوي حوالى 2750 طناً من نيترات الأمونيوم. وهنا بدأت أصابع الاتهام تتجه نحو اسرائيل، المسؤولة عن التفجير المذكور.

ثانياً: ان هناك غموضاً مريباً في عدم الكشف، حتى دولياً، عن الحقيقة لحكاية شحنة نيترات الأمونيوم من مصدرها في جورجيا الى نهايتها في مرفأ بيروت عام 2013… إنّ هذا الغموض يوحي بأنّ هناك سبباً خفيّاً يستوجب هذا الصمت، وهو أمر حال دون «التحقيق الدولي» الحقيقي وتسبّب بحجب الأقمار الاصطناعية الدولية كلها عما حدث فعلاً في ذلك اليوم الرهيب..

ثالثاً: لقد نشرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية قبل عام تقريباً تحقيقاً ألمانياً يكشف اسم مالك السفينة «روسوس» التي حملت أطنان الموت يدعى «شار الامبوس مانولي»، وهو رجل أعمال قبرصي وليس الروسي إيغور غريتشوشكين كما كان يعتقد في السابق. ووفقاً للتحقيق فقد حافظ مانولي على علاقته مع بنك مرتبط بحزب الله يدعى «إف بي ام إي» التنزاني، وهو بنك متهم بعمليات غسيل أموال لصالح حزب الله.

رابعاً: مهما حاولت إسرائيل دفع الشبهات عنها… يبقى السؤال المحوري قائماً: مَن جاء بالنيترات وخزّنها وخبّأها وأخذ منها ما أخذ؟ سؤال، على القضاء كشف الجواب عليه بأي ثمن لأنه مفتاح القضية.

وحتى تنكشف الأجوبة على التساؤلات المطروحة… يظلّ التوجّس ثقيلاً من تغييب الحقيقة الأصل… وستظلّ الحقيقة الأولى والأخيرة، ان هناك مجرماً أدخل نيترات الأمونيوم وخزّنها في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت… ومجرماً استهدف مخزون «المجرم الأول»، فدمّر المجرمان عاصمة لبنان وتسببا بكارثة خلّفت وراءها عائلات منكوبة، وأيتاماً يتذوقون مرارة الحياة…

ونتساءل: متى يحين يوم الحساب؟

Exit mobile version