(خاص الهديل)
لا شك ان جبران باسيل صهر العهد الايل للافول، يشعر بمزيج من ذلك القلق والإحباط وتشوش الغضب الذي يصيب الأشخاص الذين يدخلون مرحلة “سن اليأس”: فالتوقعات حول الغد القريب بالنسبة لباسيل، تبدو قاتمة، وما بين يديه اليوم من خيارات، محصلتها لا شيئ، فيما قدرته على المناورة اصبحت معدومة ..
ومن ناحية نفسية ، فإنه يبدو مفهوما لماذا اختار باسيل في أعتى لحظات نوبة دخوله مرحلة سن اليأس، شن هجوما عبثيا على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي.. فباسيل عبر تصرفه هذا انما يحاول ان يقوم باختراع معركة لتتم بداخلها ووسط غبارها عملية نهايته. ببساطة وبكلام اخر ودائما وفق منطق علم النفس، فإن باسيل الذي اقتربت نهايته السياسية والمعنوية ، لا يريد أن ينتهي وهو على فراشه البارد، ولا يريد ان ينتهي على نحو غير مثير، ولذلك قرر أن يثير هذه الحطام من التهم للرئيس المكلف ولرئيس حكومة تصريف الأعمال حتى يقول انا لا زلت موجودا داخل المعارك السياسية، ولم استسلم حتى اموت وانا اقاتل!!.. ولكل ذلك ، وبسبب كل ما يعتري باسيل من نوبات غضب سن اليأس، فإنه الرئيس ميقاتي، بدا مقنعا ، وهو يقرر انه نظرا للحال الذي وصل اليه جبران باسيل، فإنه من المناسب الاكتفاء برد موجز عليه وعلى بياناته العرمرميه، مفاده : الضرب بميت العهد حرام.
وقريبا ،؛سوف تصطدم اخر جولات باسيل العبثية ضد إلرئيس المكلف ورئيس الحكومة ب”حائط العهد العوني المسدود” ، ولن يبقى من كل بيانات الشتائم الصادرة عن ” التيار الباسيلي” الذي كان سابقا التيار العوني، حتى الصدى.
لا شك ان النهاية التي ختم بها “عهد صهر الرئيس ” تجربته في قصر بعبدا، كانت قاسية عليه، و مرعبة في نتائجها ، نظرا لمدى الفشل الذي احتوته.
.. وعليه، يمكن القول ان جبران باسيل اليوم، وقبل أسابيع قليلة من خروج عمه من قصر بعبدا على هذا النحو غير المشرف، هو عبارة عن ثلاث حالات نفسية وسياسية ومعنوية:
الحالة الأولى تقدم باسيل بعد تجربته مع عمه في قصر بعبدا، على انه نسخة طبق الأصل عن صورة سليم الخوري الذي دمر بفساده عهد شقيقه الرئيس بشارة الخوري، مع فارق أن باسيل كان أسوأ على عهد عمه الف مرة أكثر من ما تسبب به سليم الخوري من دمار لعهد شقيقه الرئيس بشارة الخوري.
الحالة الثانية هي سياسية ويظهر فيها باسيل امام مرآة نفسه على أن الحظ قدم له كل أساليب الوصول إلى القمة، ولكنه لم يقدم له الكفاءة ولا الموهبة ولا التبصر ولا حسن التصرف.
..باسيل، بهذا المعنى، هو اليوم شخصية أصبح المستقبل وراءها، وهو يحاول أن يأخذ ميقاتي معه إلى الصالة التي ينتظر فيها الأشخاص الذين فاتهم الصعود إلى القطار في وقت انطلاق الرحلة. وما يغيظ باسيل أكثر هو أن ميقاتي موجود في صالة الصعود إلى القطار القادم ؛ وربما هذا أكثر ما يحبط باسيل في علاقته مع الرئيس المكلف الذي يمارس في نفس الوقت مهمة رئيس تصريف الأعمال.
الحالة الثالثة معنوية وقوامها ان باسيل حتى مع ذاته ، لم يعد يستطيع أن يطرح نفسه كمرشح لرئاسة الجمهورية.. لقد احترقت أوراق العهد العوني، ومعها احترقت طموحات الصهر الذي استعجل الوصول، فتعثر وسقط عن درج بعبدا، وهو يرى عمه يخرج منه.
لم يتبق من باسيل الا هذا الصراخ الذي يتسرب إلى داخل المشهد السياسي، من زاوية نائية موجودة في طرف الحياة السياسية اللبنانية.