كتب عوني الكعكي:
ماذا جرى ويجري في غزّة بين جيش العدو الاسرائيلي وبين حركة الجهاد؟ والسؤال الأهم: لماذا لم نسمع كلمة واحدة من حركة حماس؟
وإذا ذهبنا أبعد… نسأل أيضاً… وهذا من حقنا: أين «فيلق القدس»؟
وإذا أردنا أن نذهب أكثر وأكثر بعيداً نسأل: أين «الحزب العظيم» الذي يريد تحرير القدس منذ عام 2000، أي منذ انسحاب اسرائيل من لبنان وتحريره من دنس الصهاينة..؟
صحيح انه في العام 2006، أقدم الحزب على خطف جنديين إسرائيليين من فلسطين المحتلة… فشنّت إسرائيل حرباً شعواء ضد لبنان.. دمّرت خلالها البنى التحتية وأحرقت الأخضر واليابس، ونسفت وأزالت الجسور فصار التنقل في لبنان بسبب الطرق التي دمرتها اسرائيل، شبه مستحيل، إضافة الى ما كلّفته هذه الحرب الإلهية من خسائر وديون دُفِعَت من أموال الشعب اللبناني، الى أكثر من خمسة آلاف شهيد وجريح من الشعب والجيش وقوى الامن وعناصر من الحزب العظيم.
الى ذلك، تعود بي الذاكرة الى العام 1978 يوم احتلّت «إسرائيل» الجنوب اللبناني، وأبعدت المقاومة الفلسطينية التي كانت موجودة هناك الى الليطاني…
أتذكر كل ذلك لأقول: إنّ «إسرائيل» تحدّد لكل معركة أهدافها… وتعمل بكل قوة لتحقيق هذه الأهداف..
ففي العام 1978، كما ذكرنا، كان هدفها إبعاد المقاومة الفلسطينية ونجحت في تحقيق ذلك.
وفي العام 1982، اجتاحت «إسرائيل» لبنان واحتلت بقاعاً عدة فيه، وحاصرت العاصمة بيروت مائة يوم… وكان الهدف واضحاً، هو إبعاد منظمة التحرير من لبنان…
أما عام 2006… وخلال حرب تموز فقد تغيّرت الأهداف.. فـ»إسرائيل» يومذاك لم تعلن انها تريد «تدمير حزب الله وإزالته» بل كان كل همّها إبعاده الى ما بعد الليطاني.
من هنا نستنتج ان الفيلم هو نفسه، يتكرّر ولو بإخراج جديد.
اليوم اختلفت الأمور إذ ان إيران وبالرغم من دعمها للحزب ولـ»حماس» ولـ»الجهاد» ولمحاولاتها تقسيم العراق بين أهل السنّة وأهل الشيعة المدعومين منها، نرى انها قبضت المليارات أيام اللواء قاسم سليماني ورئيس الحكومة السيّئ الذكر نور الدين المالكي من أموال النفط العراقي ووضعتها بتصرف اللواء سليماني لتمويل الحوثيين والحزب العظيم والحشد الشعبي ونظام بشار الأسد وطبعاً الجهاد الاسلامي وحركة حماس… كل تلك الأموال كانت من خزائن الشعب العراقي.
ما يجري في ڤيينا فيلم أميركي طويل.. إذ ان أميركا تتحاور مع «نظام الملالي» الذي كان لها الفضل بإنشائه، والمفاوضات هي فيلم فقط كما ذكرت من إخراج وتصميم المعلم هنري كيسنجر.
على كل حال، تشابكت الأمور ببعضها ولكن إذا نظرنا نظرة مجرّدة الى ما يجري في العالم العربي نرى سوريا قد دُمّرت ونصف الشعب السوري تحوّل الى لاجئين، إذ لم يبقَ من الشعب السوري الذي يعد 25 مليوناً إلاّ 12 مليوناً… وها هي سوريا اليوم بحاجة الى 1000 مليار دولار كي تعود كما كانت عام 2000.. يوم توفي الرئيس حافظ الأسد إذ لم يكن على سوريا دين حتى ولا دولار واحد.
اما العراق فبحاجة أيضاً الى أكثر من 1000 مليار دولار ليعود كما كان أيام صدّام حسين ودخول الاميركيين المحتلين، وعلى الاقل كان العراقيون يعيشون في بحبوحة: المدارس مزدهرة والجامعات مجانية، والكهرباء شبه مجانية، والمستشفيات مفتوحة أمام المرضى بالمجان، وفرص العمل متوفرة.. حتى ان صدّام جلب 3 ملايين فلاح مصري من أجل الزراعة لأنّ العراق فيه نهران دجلة والفرات وهو بحاجة الى عمّال.
أما لبنان وبفضل سلاح الحزب فصار أفقر دولة في العالم. فبعدما كان الدولار ثابتاً لمدة 27 سنة على سعر الـ1507، جاء الحزب بعهد الدمار والتخريب، وبالجنرال بطل الحروب والهروب ومعه صهره الصغير الذي لا يشبع، فتحوّل لبنان من واحة وجنة رائعة الى بلد فقير مدمّر.
أما لو أردنا أن نتحدّث عن إيران فيكفي أنّ 50 مليوناً من أصل 70 مليوناً هم تحت خط الفقر، وأنّ العملة قد انهارت فقد كان كل دولار يعادل 5 تومان، وبفضل «نظام الملالي» أصبح كل دولار يساوي 360 ألف تومان. طبعاً لو أردنا أن نتحدث أكثر فيمكن أن نختصر انه أيام الشاه كان هناك مصنعان للسيارات: واحد لشركة بيجو والثاني لشركة رينو، وكانا ينتجان مليوني سيارة. أما اليوم وبسبب مشروع نشر سياسة التشييع فقد أُقْفِل المعملان وبات 50 مليون مواطن يحصلون على مساعدة شهرية بقيمة 20 يورو لكل فرد.
اما لو ذهبنا الى اليمن الذي كان في يوم من الأيام «سعيداً»، فلم يعد يتمتع بتلك النعمة، بل أصبح بلداً فقيراً، يعاني شعبه من الفقر والحاجة الى طبابة وتعليم من أجل مشروع التشييع أي مشروع الحوثيين حلفاء نظام الملالي.
أخيراً، يجب الإبقاء على التطرّف في فلسطين وفي لبنان كي تعيش اسرائيل في حال حرب.. وهذا ما يبقي على النظام في إسرائيل قائماً.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*