الهديل

رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني لـ”النهار العربي”: لا للتوطين ولا لحرمان اللاجئين من حقوقهم الأساسية

النهار العربي:

مع كل تصعيد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، يحبس اللبنانيون أنفاسهم خوفاً من صاروخ من هنا أو هناك يفتح على البلاد جبهة خطيرة، ويدفع بها إلى قعر جديد من الهاوية العالقة بها منذ أكثر من عامين. ولم تكن “الحرب القصيرة” الأخيرة بين إسرائيل و”الجهاد الاسلامي” استثناء، خصوصاً بعد تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس باستهداف قادة الحركة في لبنان ودول أخرى، في سياق الخطة المعلنة للدولة العبرية لتصفية قادة “الجهاد” في الداخل الفلسطيني والخارج.

تجاوز لبنان الاختبار بسلام هذه المرة، بعدما نجحت الوساطة المصرية في تحقيق هدنة، وإن هشّة، أتاحت حصر الأضرار ومنع تمددها الى لاعبين جدد وساحات جديدة.

وفي معلومات “النهار العربي” فقد تلقى رئيس اللجنة الاستشارية للأونروا، رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الدكتور باسل الحسن، أمس الإثنين، اتصالاً هاتفياً من المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، بحثا خلاله التطورات الأخيرة في قطاع غزّة، ونوه الجانبان بكل الجهود التي بذلت لوقف إطلاق النار، وشددا على ىمواصلة مساعي إنقاذ الجرحى والمصابين وتوفير سبل علاجهم بإشراف الأمم المتحدة.

المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند

لا يخفي الحسن في حديث لـ”النهار العربي” أن التهديد الاسرائيلي كانت يمكن أن يؤدي الى انخراط فصائل المقاومة في المواجهة، واحتمالات أن تتوسّع دائرة المواجهات لتشمل ساحات أخرى”.

على المستوى الرسمي، تابع لبنان التطورات بقلق، وأجريت اتصالات بالجهات المعنية لفهم ما يحصل واحتمالات توسع المواجهات، وخصوصاً أن لبنان يمر بمرحلة حساسة، ليس على الصعيد الداخلي فحسب، وإنما أيضاً في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، حيث احتمالات حسم الملف في غضون أسابيع قليلة. كذلك، أجريت اتصالات مع الفصائل الفلسطينية سواء في لبنان أو الخارج لمواكبة مع يحصل.

السلاح الفلسطيني خارج المخيمات

عند كل تصعيد من هذا النوع، تتجه الأنظار مجدداً الى السلاح الفلسطيني في لبنان وإمكانات جرّه البلاد إلى نزاعات قد تخرج من السيطرة. أيّ دور تضطلع به لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني على هذا الصعيد؟ وماذا حققت؟

يقرّ الحسن بأنه “غالباً ما يُسأل عن الانجازات التي قامت بها اللجنة”، ويذكر خصوصاً بـ “الإجماع الذي حصل عند تأسيسها في العام 2005، على وجوب عدم تكرار تجربة انخراط اللاجئين الفلسطينيين في نزاعات سياسية داخلية لبنانية تضرّ بالاستقرار. ومذذاك، شكل الاجماع اللبناني في شأن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات والذي حصل خلال طاولة الحوار الوطني عام 2006 محركاً أساسياً لعمل اللجنة. وبناء عليه، نظمت اللجنة حوارات نتجت عنها عام 2017 “ورقة ثوابت”، بما فيها ورقة مشتركة تتناول التوافق اللبناني-الفلسطيني على مسألة السلاح خارج المخيمات وتنظيمه داخلها، وهذا بالطبع يشكل محاكاة للقرارات الدولية”.

تحمل لجنة الحوار همّ قضية السلاح خارج المخيمات وتداعياته وتدرك حجم الضغوط الدولية المتعلقة به والأعباء الأمنية المتصلة به. ولكن في موقف لافت، يؤكد الحسن أن الفلسطينيين في لبنان “حققوا معنا تقدماً جدياً في ما يتعلق بالسلاح خارج المخيمات، وثمة مسائل حلّت، أو في طريقها للحلحلة، وتعلن في الوقت المناسب”.

السلاح والحقوق

وهل يمكن الحديث عن مناطق معينة أو فصائل محددة؟، يجيب الحسن: “لا أستطيع القول أكثر من ذلك. كل ما أستطيع قوله إن هذا المسار بدأ، وهناك تجاوب فلسطيني معه”.

وفي موازاة السلاح، لا يغيب من اهتمامات اللجنة السجال المتجدد في لبنان في شأن النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين والهواجس القوية التي عبر عنها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وصولاً الى مطالبته “بإعادةِ انتشارِ اللاجئين في دول قادرة على استيعابهم ديموغرافيًّا وتأمين حياة إنسانيّة واجتماعيّة كريمة لهم”.

وفي هذا الشأن، يبرز الحسن أهمية “وضع سياسة متفق عليها بين اللبنانيين والفلسطينيين حول مسألتين تتساويان في الأهمية، وهما: السلاح والحقوق، وخصوصاً في لحظة حساسة من الحياة السياسية في لبنان، وتقاطعاتها المهمة مع تحولات إقليمية”.

وفي ما يبدو رسالة طمأنة، يقول بحزم إنه “في ما يتعلق بالحقوق، لا شيء في الأفق يشمل التوطين، ولا أيّ من المساهمات الموهومة بموضوع التوطين. هناك أوهام تتحرك بين موضوعي الحقوق والسلاح. وهذه الأوهام تعيق قدرة الدولة على تنفيذ سياستها في ما يخص الاستقرار”. ويضيف: “في لجنة الحوار، نحن متقدمون في مسألة الحقوق، ولكننا جمدنا العمل في هذا المجال، لأننا لا نريد المضي به في وقت هناك طرف في لبنان لا يدعم ذلك، أو على الاقل يريد المزيد من التوضيحات… لا نريد أن نطرح موضوعاً إشكالياً إضافياً يزيد تعقيد الوضع في لبنان”.

وكشف الحسن عن لقاء مطول مع البطريرك الراعي تناول شرح استراتيجية لجنة الحوار في ما يتعلق بالحقوق وقضايا أخرى، وأكد أن “من ثوابتنا، وهي سياسة الحكومة، الالتزام بالمصالح اللبنانية العليا ومعايير الأمن القومي اللبناني، وعدم القبول بالتوطين في أي شكل من الاشكال، ولن يشمل موضوع الحقوق أي شكل من من أشكال الحقوق السياسية للاجئين الفلسطينيين، وإنما فقط ما يؤدي إلى تحسين حياتهم طالما هم موجودون على الأراضي اللبنانية، وفي ظل غياب أي بدائل حالية، لا بالانتقال الى بلد ثالث ولا تأمين العودة الى فلسطين. كل ذلك في مقابل نقاش مع كل الفصائل الفلسطينية المتجاوبة للغاية مع تحقيق الاستقرار في لبنان”.

ومن موقعه كرئيس للجنة الاستشارية للأونروا، يذهب الحسن إلى التأكيد أن الفلسطينيين مساهمون في مواجهة الأزمة اللبنانية، إذ “إنهم يدخلون عملة صعبة الى البلاد تقدر بنحو 40 مليون دولار شهرياً”.

وكيف يحصل ذلك؟ يقول: “عبر الموازنات التي تخصص للأونروا، وعبر الفصائل الفلسطينية والاغتراب الفلسطيني”.

وفي الناحية الأمنية، لا يرى أن الفلسطينيين يشكلون خطراً على لبنان، “والأمر الوحيد الذي يخص اللاجئ الفلسطيني في منحنيات الاستبيانات الأمنية هو أنهم يشكلون جزءاً مهماً من الهجرة غير الشرعية من لبنان”.

وماذا عن السلاح الفلسطيني في لبنان، ألا يشكل عبئاً أمنياً؟، يجيب الحسن: “أكرر هناك تجاوب فلسطيني في ما يتعلق بالسلاح خارج المخيمات وطرح متصل بضبطه داخل المخيمات. واقع المخيمات الفلسطينية من الناحية الامنية مستقر. هناك موضوع المخدرات الذي لا يختلف مع الواقع اللبناني الناجم من الانهيارات الاجتماعية الأخيرة. صحيح أن نسبة التصنيع والتعاطي زادت، ولكن هذا الأمر ينسحب على الواقع في لبنان ككل، وإن يكن يشكل تحدياً أساسياً في المخيمات”.

اغتيال العقيد العسوس

وعن عملية الاغتيال التي حصلت في مخيم عين الحلوة، أشار الحسن إلى أنه “كان هناك تقييم لدى عدد من الفصائل الفلسطينية، أن هناك استحقاقات قادمة على لبنان، بينها الاستحقاق الرئاسي، وكان هناك توقع بأن يتم التلاعب بأمن المخيمات وضرب العناصر الفاعلة والشريكة في تحقيق الاستقرار في المخيمات مثل العقيد سعيد العسوس، إلا أن الوعي والتقييم المشترك سيؤدي الى إحباط أي مخطط يستهدف المخيمات الفلسطينية”.

وعن السجالات الواسعة في الفترة الاخيرة حول مسألة حق العمل للاجئين الفلسطيين في ظل الضائقة التي يعانيها لبنان وفرص العمل المتضائلة، يقول الحسن إن رئيس الرابطة المارونية خليل كرم وضع ثوابت تتصل بقضية اللجوء الفلسطيني في لبنان، وحدد خطوطاً مبنية على المعايير المشتركة لفهم مستلزمات الأمن القومي اللبناني، و”قد أجرينا اجتماعات عدة معه، وسنبدأ قريباً ورشة عمل مشتركة مع الرابطة المارونية في هذا الشأن”.

ولكن كلام البطريرك الماروني لا يوحي بأنه مطمئن؟، يعلق الحسن: “لن نقوم بأي شيء يتصل بمسألة الحقوق للاجئين الفلسطينيين من دون موافقة كل الاطراف اللبنانية، وفي مقدمتها بكركي والرابطة المارونية”.

باختصار، يضيف الحسن: “لا توطين ولا حقوق سياسية للاجئين الفلسطينيين ولا مجال للاستمرار في موضوع السلاح كما كان عليه، وأيضاً لا لحرمان اللاجئين الفلسطينيين من حقوقهم الإنسانية”.

إلى ذلك، كشف أن لجنة الحوار بدأت بسلسلة مشاريع بما فيها استراتيجية لافادة اللبنانيين من هذه التمويلات التي تخصص للاجئين الفلسطينيين. “ففي اعادة اعمار مخيم البارد، نبحث مع المانحين كيفية افادة المناطق الداخلية والكشف عن امكانات زيادة قدرة محطة الكهرباء لافادة منطقة عكار كلها ومناطق أخرى. كما بدأنا العمل لاعتماد البطاقة البيومترية للاجئين، والغاء البطاقة القديمة التي تحتمل التزوير”.

Exit mobile version