كتبت النهار:
هادي مطر الأميركي ذو الأصول اللبنانية من يارون الجنوبية بدا بمثابة “آخر الهدايا المسمومة” التي تشوّه اسم لبنان وتمعن في التسبّب بالأذى المعنوي والمادي له، فيما هو في أمسّ الحاجة إلى ترميم هذه الصورة ودرء مزيد من الضربات التي تلاحقه. المعتدي على الروائي #سلمان رشدي في نيويورك هادي مطر، وإن كان لا يعرف لبنان، إلّا أنّه بأصوله اللبنانية كما في تبعيته لإيران وتأييده لـ”#حزب الله”، كما توافر من معلومات عنه، زجّ باسم لبنان في عملية اعتداء إرهابيّ تحت ستار دينيّ بما جعله بأصوله اللبنانية يسيء إلى لبنان كما إلى دينه، وطغى كشف هويته أمس على التطورات المحلية التي تدور في حلقات الجمود والمراوحة على مختلف الصعد رغم بعض ظواهر التحركات السياسية الداخلية.
وبدا لافتاً أنّ “حزب الله” نأى بنفسه تماماً عن أيّ علاقة مفترضة بالمعتدي على سلمان رشدي. وفي هذا السياق قال مسؤول في “حزب الله” أمس السبت إنّ الحزب ليس لديه معلومات إضافية عن حادث الطعن الذي تعرّض له سلمان رشدي، الروائي الذي قضى سنوات مختبئاً بعد أن أصدرت إيران فتوى بإهدار دمه بسبب كتاباته. وقال المسؤول لـ”رويترز” شريطة عدم الكشف عن هويته: “لا نعلم شيئاً عن هذا الموضوع وبالتالي لن يصدر عنّا أيّ تعليق”.
أمّا على صعيد المشهد السياسيّ الداخليّ، فبدا واضحاً أنّ ثمّة مقدمات تتكثّف لجولات من التحركات والمشاورات المتّصلة بالاستحقاق الرئاسي، إذ بدا لافتاً أنّ الصرح البطريركيّ الصيفيّ في الديمان بدأ يشهد حركة كثيفة على خلفية دورها المؤثر في الاستحقاق الرئاسي. وثمّة توقعات بأنّ الاتصالات التي بدأت لبلورة صورة الانتخابات الرئاسية، ستتكثف تباعاً وتصاعدياً وسط العدّ العكسيّ لبدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية اعتباراً من منتصف ليل 31 آب – الأول من أيلول. وفي هذا الإطار، وغداة لقاء كليمنصو بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ووفد قيادي بارز من “حزب الله”، يجري التواصل على خط النواب المعارضين لثنائي العهد – “حزب الله” إذ سيتّخذ أبعاداً جديدة بدفع من “القوات اللبنانية” المصرّة على التواصل مع كلّ المعارضين أكانوا من التغييريّين أو المستقلّين أو الحزبيّين لرصّ الصفّ ومنع وصول مرشح 8 آذار إلى بعبدا. كما يستعدّ لقاء الـ16 نائباً الذي انعقد الأسبوع الماضي لعقد لقاءه الثاني الثلثاء المقبل. وذكرت معلومات أنّ الاتصالات ستشمل المختارة التي ترفض معراب اعتبارَها في الخندق الآخر، خصوصاً أنّ جنبلاط أعلن أنّ هناك تباينات مع “حزب الله”.
كما أنّ الحركة التنسيقية التشاورية ستجري أيضاً في كواليس 8 آذار. فحتى الساعة، الحزب لم يحسم موقفه ولا اسم مرشحه، وقد بدأت هذه الضبابية تثير الخلافات من جديد، بين كل من رئيس “التيار الوطني الحر” النائب #جبران باسيل ورئيس “تيار المردة” #سليمان فرنجية، الطامحَين إلى الرئاسة وإلى كسب دعم الضاحية لترشيحيهما
وأمس زار النائب جبران باسيل الديمان حيث استقبله البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وأعلن “مواصفاته” للرئيس المقبل التي تستبعد منافسيه ولا سيما منهم سليمان فرنجية. بعد اللقاء، أكّد رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ” أنّ “بكركي مرجعيّة أساسيّة لنا، ولا يفكّر أحد أبداً في اتّهامها بالعمالة، وقد حصلت أخطاء يمكن معالجتها، إلّا أنّ هذا الأمر ليس سياسيّاً”، مبيّناً أنّه “تمّ استغلال حادثة المطران موسى الحاج سياسيّاً، لكنّ بكركي أعلى من ثقافة الاستغلال ومن الأذى، وهي تحت القانون ولها قوانينها المشرقيّة الّتي لا تتعارض مع القانون العام”.
وشدّد على أنّ “البلد بحاجة إلى حكومة، أوّلاً لأنّ هذا الأمر طبيعيّ، ثانياً لأنّنا نمرّ بأزمة غير طبيعيّة، وثالثاً لأنّها ضمانة في الحدّ الأدنى كي لا يحصل فراغ”، مركّزاً على أنّ “مشكلتنا أنّ هناك رئيساً مكلّفاً قرّر أنّه لا يريد تأليف حكومة، تحت عدّة حجج منها الوقت والظّرف وتحمّل المسؤوليّة بهذا الوقت الضّيق، وأنّ هناك من يراهن على الفراغ، وهذا أمر غير مقبول وغير دستوريّ. وللأسف لهذا الرّهان داعمون من قبل الّذين سمّوه”. وأعلن “أنّنا ضدّ الفراغ ولا نرى أنّ البلد يحتمله، وسنعمل كي لا يحصل”، لافتاً إلى أنّ “الانتخابات الرئاسية للأسف لن تأتي بالتّغيير الكبير المطلوب، لكنّها يجب أن تحصل”. وأكّد “أنّنا نؤيّد انتخاب الرئيس مباشرةً من قبل الشّعب، وهذه الخطوة تمنع شبح الفراغ في الدّرجة الأولى”، مشدّداً على أنّ “تمثيل رئيس الجمهوريّة ووجود كتلة وازنة معه تدعمه أمر مهمّ، ومن المرفوض كليّاً أن يكون الرّئيس منعزلاً كليّاً عن الأرض. نرفض أن يُفرَض علينا الرّئيس سواء من الخارج أو من الدّاخل”.
في المقابل أكّد رئيس اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط ، خلال “تحيّة لأرواح شهداء الحزب التقدّمي الاشتراكي في ذكرى 13 آب”، أنّ “الوفاء لهم يكون بتقدير كلّ تلك التّضحيات، والتعلّم من التجارب لمنع وقوع البلاد مجدّداً في أيّ اقتتال، والحفاظ على إنجاز المصالحة الوطنيّة في الجبل وخيار الشّراكة والعيش المشترك والواحد”. وشدّد على “ضرورة الحوار الجدّي بين جميع المكوّنات السياسيّة في البلد دون استثناء رغم التباينات حول الكثير من القضايا المطروحة والملفّات الشائكة”. داعياً إلى “مقاربة عاقلة لكلّ النّقاط الخلافيّة، والبحث عن كيفيّة التّلاقي حول ما هو ضروريّ وملحّ للتّخفيف من معاناة المواطنين اللّبنانيّين وإعادة بناء المؤسّسات الدستوريّة، بدءاً من انتخابات رئيس للجمهوريّة لا يشكّل تحدّياً لأحد، وتشكيل حكومة تقوم بالإصلاحات المطلوبة وتنهض بالاقتصاد الوطني”.