كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
ينقل عن ديبلوماسي اميركي قوله في مجلس خاص ان العقوبات الاميركية على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أعاقت عملهم في لبنان. بالنظر الى موقعه كرئيس تيار سياسي ويرأس تكتلاً نيابياً أساسياً فإن الاستماع الى وجهة نظره كانت ضرورية بينما العقوبات تحول دون ذلك.
النائب ورئيس التيار السياسي المعاقب اميركياً لا تطوقه العقوبات الاميركية ولا تحول دون كونه مقصداً للديبلوماسيين الغربيين للوقوف على مجريات الاوضاع المحلية، خلف الكواليس وبعيداً عن الانظار لباسيل ادوار يلعبها وملفات قيد المتابعة سيتم كشف النقاب عنها بعد نضوجها منها ما يتعلق بملفات محلية ومنها الخارجي وسيكون لها تأثيرها حكماً على قضايا لبنانية.
خرج باسيل من الانتخابات النيابية بكتلة نيابية وازنة خيّبت آمال المراهنين على خسارته، هؤلاء الذين ينتظرون نهاية العهد على امل ان ينتهي معها تأثير باسيل على المسرح السياسي، بحسب رأيه. مثلهم هو ينتظر خروج عمه الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا ليغدو في تشرين حراً طليقاً متحرراً من قيود الوجود في الحكم، ويعود الى موقعه الاول معارضاً حيث يجب غير مجبر على المهادنة لكونه لن يكون في السلطة. شكلت الانتخابات النيابية محطة تحول اساسية، فبرغم كل ما تعرض له حقق كتلة نيابية وازنة يحسبها بالميزان العددي الأكبر مسيحياً ليثبت موقعه بعد نهاية عون. عند زيارته الاخيرة البطريرك الراعي في الديمان قدم مطالعته في الانتخابات النيابية والرئيس العتيد للجمهورية وصارح بكركي باستحالة تقديم مواصفات الرئيس بعيداً عن الواقع وكأن المطلوب اعداد رئيس وفبركته بمواصفات معينة، متمنياً الا يتم القفز فوق نتائج الانتخابات النيابية وان كلمة سر الانتخابات الرئاسية هي بيد المسيحيين وان نواب تكتل لبنان القوي ونواب «الجمهورية القوية» يشكلون قرابة 40 نائباً من مجمل عدد النواب في البرلمان. تمنى باسيل التوقف عن اطلاق مواصفات الرئيس واعتبر ان الرئاسة كالعروس لا تخرج الا من بيتها اي ان المسيحيين يقررون شأنها وليس اي طرف آخر. لباسيل مقاربته للموضوع الرئاسي تنطلق من اعتبار ان الرئيس لن ينتخب الا بارادة المسيحيين.
لم يجد حرجا في القول انه لا يرى موجباً ولا يستطيع ان يقنع تكتله النيابي باسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية كمرشح لرئاسة الجمهورية. العلاقة التي عمل «حزب الله» على تحسينها وتوجت باجتماع في ضيافة الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله لم تزل قيد البلورة، وفيما كان يفترض عقد لقاء قريب بين باسيل وفرنجية اكدت مصادر التيار الحر ان اي اجتماع لم يحصل بينهما حتى الساعة. الامور في الموضوع الرئاسي مرهونة بالتسوية وهنا لب الموضوع، صار باسيل اساسياً في اية تسوية رئاسية ومن المبكر كشف اوراق اللعبة فيما المشهد المحلي والاقليمي لم تتوضح معالمه بعد. لكن الموضوع الرئاسي قيد المتابعة من قبله ويصب في صلب لقاءاته مع عدد من الشخصيات النيابية والسياسية المعنية بهذا الاستحقاق فضلاً عن الديبلوماسيين الاجانب المعتمدين في لبنان. وكشفت مصادر التغييريين عن زيارة قام بها عدد من النواب التغييريين لرئيس التيار الوطني الحر في مسعى لاقامة جسر تواصل وتشاور على ابواب الاستحقاق الانتخابي الرئاسي.
من المفارقات التي تطبع الانتخابات الرئاسية في لبنان واقع ان اي ماروني يغدو مرشحا للرئاسة حكماً ولو من دون اعلان ترشيحه الرسمي، وانطلاقا من هذا الواقع يمكن اعتبار باسيل مرشحاً طبيعيا للرئاسة وان العقوبات الاميركية لم تسقط عنه حقوقه المدنية والسياسية ولو ان اولويته المقبلة ستتركز على اوضاع تياره السياسي. قبل فترة زار باسيل باريس وجال في الاليزيه والتقى عدداً من المسؤولين فيه، وكانت له زيارات خارجية عدة، وهو استقبل موفدين دوليين وديبلوماسيين غربيين وعرباً. وتفصح المعلومات عن مساعٍ معينة يبذلها رئيس التيار واتصالات تتعدى الساحة المحلية وان هناك جهات اقليمية عربية باشرت انفتاحها باتجاهه وتعول عليه في قضايا معينة.
في وضع لن يلقى استحسان خصومه، الا ان رئيس التيار الوطني الحر سيعيد تموضعه سياسياً في العهد الجديد. الرحلة بدأها على عتبة الانتخابات الرئاسية التي حدد بوصلتها بالقول ان على الرئيس المنتخب اما ان يكون له تكتل نيابي واسع او ان ترشحه كتلة نيابية وازنة اي انه ثبت القاعدة التي تقول ان اختيار الرئيس سيخرج من بيت المسيحيين اولا.