خاص الهديل-
هناك سباق بين عدة نظريات، تحاول كل واحدة منها، ان تقدم قراءة لما قد يشهده لبنان في المرحلة الممتدة من هذه اللحظة حتى ٣١ تشرين، موعد خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا .
من بين هذه النظريات ، نظرية تقول بأن أجواء التوصل لاتفاق حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ايجابية، وبأن تل أبيب وافقت عمليا على مطالب لبنان، وعليه فإن شهر أيلول سيشهد توقيعا غير مباشر وبواسطة الولايات الأميركية المتحدة، لإتفاق ترسيم حصص الغاز بين اسرائيل ولبنان. وعند هذه اللحظة سيدخل لبنان في مرحلة سياسية واقتصادية جديدة، وبضمنها سيتم اجراء انتخابات رئاسية في المدة التي تسمى ” بالاشعاع الدستوري الانتخابي الرئاسي “، أي خلال شهر تشرين الثاني.
ولتأكيد صحة نظريتهم؛ فإن القائلين بها يشيرون الى ان هوكشتاين، تحدث ، خلال زيارته الأخيرة للبنان، عن تفاصيل تتعلق بترتيبات خاصة بلحظة توقيع الاتفاق ، ما يعني ان القرار الأميركي والإسرائيلي بحسم هذا الملف ايجابا خلال أيلول قد اتخذ، ولذلك بات الاميركيون منشغلون بوضع صيغ ترتيبات المشهد الاخير في التفاوض ..
.. ومما قاله هوكشتاين على هذا الصعيد، ان لبنان وإسرائيل لن يوقعا الاتفاق على ورقة مشتركة ، بل كل طرف منهما سيوقع على ورقة اتفاق منفصلة، مع الجانب الأميركي؛ أي ان عملية التوقيع ستجري على ورقتين لذات لاتفاق: الأولى بين بيروت وواشنطن؛ والثانية بين تل ابيب واشنطن ؛ وبراد من هذا الترتيب مسايرة رغبة لبنان بعدم حصول اية خطوة خلال عملية التوقيع ، توحي بأن توقيع هذا الاتفاق هو نوع من الصلح أو التطبيع بين لبنان وإسرائيل.
الأمر الثاني الذي تحدث عنه هوكشتاين في بيروت ذي الصلة بتهيئة الترتيبات الأخيرة لتوقيع الاتفاق ، هو قوله إنه في المرحلة القادمة سيكون هناك زيارتين فقط لمركز التفاوض بالناقورة ، حيث سيتم عقد لقاء اول لعرض بنود الاتفاق على لجنة تفاوض لبنانية اسرائيلية اميركية مقلصة، ومن ثم سيتم عقد لقاء ثاني لتوقيع الاتفاق.
اما النظرية الثانية حول الى اين ذاهب البلد، فهي تعاكس كل طرح النظرية الأولى، ويقول اصحابها إنه لا توقيع على ترسيم الحدود البحرية بين تل ابيب وبيروت، ولا توقيع على اتفاق فيينا بين واشنطن وطهران. وتقول ان الأمور ذاهبة إلى مراوحة في قعر الازمة الداخلية والإقليمية.
ويركز أصحاب هذه النظرية على الامر الاساسي التالي:
ان إسرائيل طلبت من هوكشتاين تأجيل التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود الذي يتضمن ، بحسب وجهة نظرها، وبحسب مصطلحاتها، “تنازل عن مياه إسرائيلية ” ، وذلك الى ما بعد الانتخابات العامة الإسرائيلية.
.. وهذا المطلب الاسرائيلي يفتح الباب على المجهول، لكونه يعني ارساء مسار هدفه تجميد التفاوض في هذه المرحلة؛ وترحيل الحل إلى ما بعد الانتخابات ، حيث حينها من الممكن أن يصل لرئاسة الحكومة شخصية إسرائيلية تقوم بالمطالبة بتعديل مضمون الاتفاق، تحت حجة انه يتضمن نقطتين اثنتين مرفوضتين إسرائيليا:
الأولى لكونه يتضمن تخلي عن مناطق ضمن “سيادة إسرائيل ” وهو امر لا يمكن القبول به، او اقله اذا كان لا بد من البت به، فان الاطار الوحيد الممكن حسمه بداخله، هو اجراء استفتاء شعبي عليه من خلال طرح سؤال على ” الشعب الاسرائيلي ، وهو : هل تقبل باتفاق ثمنه التنازل عن” سيادة اسرائيل” عن جزء من مياهها؟؟. واغلب الظن ان نتيحة هذا الاستفتاء، ستكون رفض ما تسميه اسرائيل “تنازل”.. وبالتالي سترفض تل ابيب توقيع الاتفاق مع لبنان.
واما النقطة الثانية فهي رفض اسرائيل تحقيق مطالب لبنان، تحت حجة ان ذلك سيبدو على انه رضوخ من قبل إسرائيل ” لابتزاز” حزب الله.
.. وبالنسبة لاصحاب هذه النظرية، ليس واضحا لهم بعد، ما إذا كانت حكومة يائير تناور من خلال التحجج بورقة الانتخابات، أم ان حجتها هذه حقيقية ، خاصة مع تسرب معلومات عن وجود تباين بين يائير السائر بحل هوكشتاين، وبين وزيرة الطاقة الاسرائيلية المتشددة و المعارضة له.
والواقع انه ضمن كل هذه المعطيات، فان هوكشتاين أصبح ” سؤالا” بأكثر مما هو عاد وسيطا: فهو سؤال عن ما إذا كانت مهمته قد أنجزت فعليا كما يقال ، و أصبحت جاهزة للتوقيع، ولكن ما تبقى هو فقط مشكلة ترتيب ظروف توقيت اعلان نجاحها، وهذا ما يجعل هوكشتابن غائب عن المشهد التفاوضي حاليا؟؟ . وهي أصبحت ايضا ( اي مهمة هوكشتاين ) سؤالا عما اذا كان نجاحها او فشلها مرتبط بنتائج مفاوضات فيينا ، ولذلك يقرر هوكشتاين الانتظار. حاليا وراء ستارة عملية تفاوض فيينا التي تعيش الان فترة مخاض غير معروف ما اذا كان سيؤدي بخلال إيام الى ولادة الحل الكبير، ام تعثره .